فكل منهما يعرف الآخر, ومقتنعان بأن تشخيصهما دقيق, فضلاً عن ذلك, فإن التشخيص قابل للتبديل بسهولة.باراك يعرف كيف يبهر هوسه بحقنة دسمة من الشفقة, وبيرتس يعرف كيف يمزج غير قليل من الهوس في خليطه المثير للشفقة.
ما يضلل ليس الاتهامات, بل الزعم بأنه يوجد على الاطلاق شيء اسمه (حزب العمل). بمعنى يوجد شيء ما - يوجد ترتيب عمل لجنرالات متقاعدين, توجد حقائب في الحكومة لرجال معسكر السلام في الماضي ممن تحولوا إلى جنود مخلصين لأولمرت في الوقت الحاضر, أما داخل حزب العمل فلا يوجد ايديولوجيا يتعاطى معها أحد بجدية. وبدلاً منها توجد شعارات على الأغلب قيلت أو همس بها لتترافق مع غمزات تقول:(لا تأخذونا على محمل الجد.نحن نتكلم فقط من أجل الناخبين, كما تعرفون).
في حزب العمل لا يوجد التزام للناخب, ولتذهب للجحيم الوعود للناخبين. فهؤلاء الناخبون غير مدعويين للحفلات لدى قادة الاقتصاد وبعد أن يكونوا أدلوا بأصواتهم طواعية, لا معنى لإيلاء أي اهتمام بهم. وبدل الالتزام بمن بعث بهم إلى السياسة يوجد لرجال (حزب العمل) حماسة كبيرة, عميقة, لا نهائية, للسجود أمام اقدام رئيس الوزراء- كائناً من كان: شارون أو أولمرت? معانقة ركبتيه المقدستين وهز الذيل شعوراً بالامتنان.
في (حزب العمل) يسمون هذا مسؤولية. اسم جميل,مسؤولية لا خطة عمل, ما هي بالضبط الخطة السياسية, الاقتصادية, الاجتماعية ل(حزب العمل)? اذا ما نظرتم في أفعال رجال (حزب العمل) فستكتشفونها, وزير الدفاع مثلاً لديه خطة لإفشال كل إمكانية للسلام, هذه خطة هامة, السؤال هو اذا كان بالذات رئيس (معسكر السلام) هو الرجل الذي ينبغي له أن يخرجها إلى حيز التنفيذ, وزير الرفاه يريد زيادة صلاحيات المحاكم الحاخامية, مثير للاهتمام, ولكل الوزراء توجد خطة واحدة هامة يتمسكون بها بإصرار, هي التمسك بكراسيهم بكل روحهم وبكل قوتهم.
هذه الجثة السياسية المسماة حزب العمل حاولت أن ترمم نفسها في الانتخابات الأخيرة, عندما كانت ضحيتها الرسمية, شمعون بيرس, قد انتقل إلى كديما, ولكن تحالف سوء الحظ (حرب لبنان الثانية) مع الغرائز ( هيا ننتخب جنرالاً بسرعة, وإلا فسنشعر بأننا لم نؤد واجبنا) انهت المحاولة لخلق ايديولوجيا واجندة ونشطاء يهتمون بهم ايضاً بين الحملة الانتخابية والأخرى وليس فقط عندما يحتاجونهم لتعليق اللافتات ونقل المقترعين.
ما يوجد الآن في المكان الذي كان فيه في الماضي حزب العمل هو حفنة مهووسة ومثيرة للشفقة من الادعاءات الشخصية والسخرية السياسية, بمعنى لا يزال هناك أناس يرفضون التقزم والبقاء في (حزب) لا مجال لترتيب عمل للايديولوجيين أو للأبرياء الذين يعتقدون أن هناك أموراً اسوأ من الجلوس في المعارضة.
المشكلة هي أن هذا المظهر السطحي, حيث حزب يدعي أنه بديل, الأمر الذي يجعل من الصعب مع استمرار وجوده, ولو بكل هذا السوء, نمو خيارات أخرى تعرض بديلاً حقيقياً.
ومنذ سنوات وهذا المدعو (حزب العمل) في عنق الزجاجة ويخنق كل إمكانية لإعادة البناء السياسي, وهذا يشبه الأمراض السياسية التي لا يمكن شفاؤها, عندما لا يكون لديك مخدات هواء في السيارة, من الأفضل لك أن تعرف ذلك وأن تقودها بناء على ذلك, وإسرائيل تحتاج اليوم لمعارضة سياسية حقيقية, ومن المؤكد أن ( حزب العمل) ليس هذا ولا ذاك, هوس أو شفقة? لعله الأثنان معاً.