فسحة لنتوازن
يوضح مدير المهرجان أ. لؤي شانا الهدف من إقامة المهرجان قائلاً: بما أننا نعيش ظروفاً مليئة بالتراجيديا والألم فنحن نحتاج لفسحة من الكوميديا لنتوازن... والسبب الآخر لتغيير النظرة المأخوذة عن الكوميديا كحالة قريبة إلى التهريج والابتذال فنحن نكرس المفهوم الحقيقي على اعتباره فناً راقياً وله منهج وتاريخ موغل في القدم... ويؤكد السيد شانا على أن العروض كافة تتسم بالكوميديا بأساليب مختلفة...
ويرى أن المعايير متواجدة في العروض كافة ولا يعرفها إلا أصحاب مهرجان الكوميديا والمسألة بيد اللجنة المختصة... وكون هذا الأمر إشكالياً بالوسط المسرحي ليست القهقهة كوميديا وليس من يجعل الإنسان يبكي تراجيديا.. فهناك كومي تراجيديا وتراجي كوميدي.
وهي مصطلحات أكاديمية يعرفها المختصون فقط.
طقس مسرحي
ويرى. محمد بصل المختص بالمسرح: يجب تشجيع مثل هذه المهرجانات لأنها تخلق حالة ثقافية مسرحية يحتاجها الجمهور ليعيش الطقس المسرحي... ومهرجان الكوميديا كفكرة مميزة لكنها بقيت غائمة ومطاطية لأن عملية ضبط المصطلح كما يبدو ليس من اختصاص المشتغلين بالمسرح لأننا نجد بعض العروض المسرحية لاتمت إلى الكوميديا بصلة... في حال اعتبرنا أن مسرح الكوميديا يساوي زرع الابتسامة على وجه المتفرج.
قد يضطر القائمون على المهرجان استقدام بعض الفرق المسرحية دون أن يكون لديهم قناعة بأنها ستقدم شيئاً مهماً ربما لأمر مادي وأحياناً لأسماء معينة, وربما لعلاقات عامة لذلك من المفترض وجود لجان تنظيمية , علمية, مشاهدة, البحث والتقصي فهل هذه اللجان متواجدة في المهرجان أم أنها غير مفعلة .. ويجب مناقشة العروض بموضوعية بغض النظر عن العلاقات.
متابعاً: الأعمال التي شاهدناها متفاوتة من حيث المستوي الفني.. فوعكة عابرة للمخرج فايز قزق.. عبارة عن ورشة عمل أكثر من عرض مسرحي.. ومن يأت ليشاهد قزق ينتظر رؤية التميز, والدهشة عندما يرى المتفرج شيئاً مختلفاً,... وهو عرض لم يكن بمستوى الأعمال السابقة له.. لذلك خرج الجمهور متضارب الأفكار, فهناك من قال ان العرض جيد لأن المخرج قزق... ويضيف د. بصل: الواقعية ظاهرة في العرض.. ويجب في المسرح محاكاة الواقع دون أن ننسخه.. كما أنه سردي فيه كلام كثير وصياح وصراخ.. العرض طويل جداً.. ووجدته مخيباً للآمال غريباً عن روح فايز... والممثلون يلعبون دون قيادة رغم قيادة قزق القاسية... هذا ليس حكم قيمة بل رأي متفرج. وتحتاج العروض جميعها لجلسات نقدية مترافقة مع الأعمال. بينما العرض المصري (شكلها باظت )المسرحية جيدة على مستوى الجرأة وطرح الأفكار... وقربها من حياة الناس في أي مكان من العالم. وكانت وجبة فكرية فنية دسمة. وهي صرخة في وجه النظام العالمي الجديد الذي يقلل من أهمية التقاليد الإيجابية. وطرحت بطريقة متسلسلة ضمن مجموعة من الحكايات لكنها بخط واحد وهذا أهم ما في الأعمال المسرحية الحالية...
تسمية خطرة
ويعتبر الفنان سيجري أن المهرجان بادرة مميزة لكن تسميته خطرة جداً ومن الصعب البحث عن عروض مناسبة له... فمثلاً عرض حمام بغدادي لاعلاقة له بالكوميديا وهو عرض موجع لكن من حق الجمهور الذي لم يستطع مشاهدته الاطلاع عليه.
ويتطلب الحصول على عروض مناسبة اتفاقيات مع فرق تعمل بالكوميديا. ويجب مشاهدة الأعمال قبل أشهر من المهرجان , لإلغاء العرض في حال عدم صلاحيته.
ويرى أن النص في عرض مشاجرة مشتت.. والأداء التمثيلي ليس سيئاً هناك عين إلى حد ما ترى ما يحدث لكن حالة العرض لاتشبهنا ,ولم أتمكن من التواصل مع أحداثه لوجود حلقة ضائعة في العرض بما يحصل على المسرح والمشاهد, هناك جهد لو وظف في نص آخر لكان أفضل.. وبما أنه البديل عن العمل التونسي الذي اعتذر فلا نلوم إدارة المهرجان على مشاركته.
تقليد مسرحي
ويرى مدير المسرح الجامعي أ. هاشم غزال الصعوبة في إيجاد مجموعة عروض كوميدية تكفي لإقامة مهرجان على الأقل في الوقت الحالي فالمسألة تحتاج لوقت.. ومع الاحترام للتجربة الحالية فالعروض المشاركة تتراوح ما بين الوسط والأقل جودة.. فعرض الافتتاح كان يعاني من المطبات والإطالة رغم أنه أقرب العروض المشاركة إلى الكوميديا.
إعادة النظر
وتأسف الناقد المسرحي أحمد قشقارة لأنه لم ير أي عرض يحمل مقومات العمل الكوميدي ,ففي عرض الافتتاح للمخرج فايز قزق الذي عودنا على الإيقاع السريع والدلالات والمشاهد المكثفة العميقة لم نر ذلك في وعكة عابرة بل هذا العمل مليء بمشاهد فيها الكثير من الإطناب والإسهاب دون مبرر . كان يمكن تكثيف العرض إلى نصفه.. وحتى على الشكل الفني كان يلجأ إلى النكتة السخيفة المسطحة والمستهلكة سواء على صعيد الحركة أم على صعيد كوميديا اللفظة.. كما أن المخرج ترك الممثلين على سجيتهم دون مبرر.. رغم أن العرض فيه مشاهد قيمة في الإبداع على صعيد الشكل الفني والمضمون..أما عرض حكيم مرزوقي الذي تطرق إلى كثير من الأمور الحساسة والنص مسيء جداً للفكر الثقافي العربي والثقافة الشرقية.. لكن العرض تفوق على النص لما فيه من أدوات فنية كالسنوغرافية وسرعة الإيقاع واستخدام الموسيقا والفضاء المسرحي والتقنيات الحديثة..
ويلوم أ. قشقارة مدير المهرجان لمشاركة أحد العروض لكن أ. لؤي أسر له أنه لم يشاهد العرض ولا يعرف عنه شيئاً ولكن هذا ليس ذنب الجمهور.. فالعرض يصلح ليكون حفلة سمر موسيقية . وخرج الجمهور من الصالة ليس بسبب اللغة وإنما لخلوها من فن المسرح والصورة والفرجة. حتى الترف الهائل للديكور لم يستخدم لأغراض فنية.. أما عرض شكلها (باظت) فهو مصري تقليدي بامتياز فيه مسحة كوميدية بسيطة تناولت المخرجة الموضوع بكثير من السطحية والسذاجة. والأفكار كانت مبهمة لأنها كثيرة, وطرحتها المخرجة دفعة واحدة.
مضيفاً: ننتقل نقلة نوعية بالمهرجان عندما نعيد النظر في فكرة المهرجانات بدءاً من مهرجان دمشق الدولي الذي كان متواضعاً وانتهاء بمهرجانات اللاذقية الأربعة.. رغم أن فكرة المهرجان (الكوميديا رائدة) لكن يجب إعادة النظر بالعروض التي ستقدم في العام القادم ليأخذ المهرجان دوره الفعال الذي أقيم لأجله.
كلمة حق
عرض (نشاز كوميدي ورشيق) ينتمي للمسرح الإيمائي ويطرح فكرة بسيطة وإن ازدحمت التفاصيل الكثيرة. ونجح المخرج بتقديم مشهدية إيمائية تتميز بالخفة والمرح.. بالأبيض والأسود ودون ديكور. وملأ الفضاء المسرحي بالإضاءة .. وامتاز الممثلون برشاقة الأداء وخفة الحركة. وبراعة في تقديم بعض المؤثرات الصوتية.. فالعرض لوحات كاريكاتورية كثيفة تحتاج إلى عين مدربة تستطيع ملاحقة التفاصيل التي ملأت العرض.
جمهور مع انحناءة
لا أحد ينكر أن المسرح أبو الفنون , ولكن لو لا جمهور المسرح ما كان أبا الفنون . ولولا جمهور اللاذقية الكبير لانقرضت المهرجانات المسرحية, والجميع يعترف بذكاء هذا الجمهور الذي أجمع على أن العروض ليست كوميدية في حال استثنى منها عرضي نشاز وخبز يابس فهذا جمهور يستحق التحية والانحناءة.