الاختلاف في وجهات النظر امر مشروع وآنى يكون يشير ذلك الى غنى وتنوع وحيوية ,ولكن عندما يتحول هذا الاختلاف الى مكاسرة عدمية بحيث تصاب بالشلل الحياة السياسية ,وتلحق افدح الاضرار بالقضايا الوطنية الكبرى ,فان هذا الخلاف يدخل في باب المحرمات والخطوط الحمر, ويصبح لزاما على كل طرف تقديم المصالح العليا للشعب على اي حسابات حزبية أو سلطوية ضيقة المشهد الراهن في الساحة الداخلية الفلسطينية ليس جديدا , حيث التنافر والانسداد السياسي ,غير ان الجديد هو اللحظة الحرجة التي تمر بها القضية الفلسطينية ارتباطا بمعطيات داخلية وخارجية حيث يضيق الخناق على الشعب الفلسطيني سياسيا واقتصاديا و امنيا جراء سياسة العزل والحصار التي تصاعدت من جانب اسرائيل منذ وصول حركة حماس الى السلطة, وهو مايتم بتواطؤات دولية واقليمية .
وقد نتج عن هذا الحصار الذي يترافق مع انسداد سياسي شامل , وضع متفجر تغذيه الاعتداءات الاسرائيلية اليومية على الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي ظل هذا الانسداد السياسي الشامل , جاءت الحرب الاسرائيلية الاخيرة على لبنان بمثابة فرصة لبعض القوى الدولية التي غطت العدوان الاسرائيلي على لبنان خيار الشعب الفلسطيني باختيار حركة حماس , لإحداث اختراق ما في هذا الوضع ودافعها الاساسي هو اخراج نفسها واسرائيل من هذا المأزق , لذلك دفعت هذه القوى , والتي مثلها بشكل خاص رئيس الوزراء البريطاني المأزوم توني بلير , الى احياء خيار تشكيل حكومة فلسطينية تحت اشتراطات تفجيرية بالنسبة للساحة الفلسطينية ما اعاد الامور الى نقطة الصفر كما صرح بذلك رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس .
ان المطروح امام القوى الفلسطينية المختلفة هو تشكيل حكومة وحدة فلسطينية كخيار وطني فلسطيني , وكمخرج وطني من الواقع الفلسطيني الراهن الذي لايرتقي لمستوى تطلعات الشعب الفلسطيني والذي يقدم الفلسطينيين بصورة غير مقبولة لدى المجتمع الدولي اما معالجة القضايا الوطنية وفق اجندات واشتراطات خارجية فهو الوصفة الانسب لتفجير الوضع الداخلي وتضييع الحقوق.