حتى خرجت لنا قمة الدول الثماني التي عقدت قمتها في مدينة بطرسبورغ ببروتوكول اتفاق يحمل تأييداً شديداً لإسرائيل وألقى مشروع هذا القرار باللائمة والمسؤولية الكاملة في اندلاع تلك الأزمة الخطيرة على حركة حماس في فلسطين وعلى حزب الله في لبنان, وتم دعوة كل من إسرائيل ولبنان إلى إجراء مباحثات دبلوماسية, والسؤال هل كان ثمة دليل طريق لفك الارتباط بالنسبة لإسرائيل?.
في الوقت الذي كانت تعلن فيه إسرائيل أنها دمرت تقريباً كافة بطاريات الصواريخ ذات المدى البعيد لدى حزب الله, وتدمير الضاحية الجنوبية, وتزعم أن زعماء حزب الله جميعاً لاذوا بالفرار ذعراً ورعباً, هاهو رئيس وزراء لبنان فؤاد السنيورة يطالب بوقف فوري لإطلاق النار وتبادل الأسرى, كان الفرسان الإسرائيليون الثلاثة أولمرت وبيريتس وحالوتس يمتطون صهوة جيادهم ملوحين براية النصر المبين, إنهم يريدون أن يثبتوا أنهم أكثر ذكاء وأكثر شجاعة وأكثر ميلاً للقتال من سابقيهم ايهود باراك وأرييل شارون, وشاؤول موفاز وموشي يعالون, ولكن ولسوء حظ إسرائيل وتعاستها فقد التموا في النهاية على حال يرثى لها, وتجرعوا مرارة الخيبة وكأنه قدر محتوم لا مفر منه.
وفيما كانت ضراوة القتال على أشدها كان حزب الله رابط الجأش يسيطر على نفسه ويواصل قصفه بصواريخ الكاتيوشا مدن الشمال, ليزداد عدد الجرحى والقتلى ويلحق الدمار بمدن الشمال ويتلقى قطاع السياحة ضربة موجعة, ويتصدع التأييد الدولي لإسرائيل, وقد قامت كل من كوستاريكا والسلفادور بنقل سفارتيهما من القدس إلى تل أبيب احتجاجاً على عدوانية إسرائيلي.
وزاد الدمار في لبنان ولاسيما في بيروت الضاحية الجنوبية من عداوة الشعب اللبناني لإسرائيل, وبدلاً من تفعيل دور الفزاعة الردعية في تلك الحرب زاد أعداء إسرائيل تصميماً وقوة, ولأنه وقف ببطولة ولم ترعبه آلة القتل الإسرائيلية الحديثة والمتطورة, سيسعى حزب الله الذي خرج منتصراً من هذا المعركة إلى تعزيز قدراته وموقفه جيداً فيما ركزت الميزانية الإسرائيلية والتي من المفترض أن تلبي حاجات المشاكل الاجتماعية ومحاربة الفقر على التكاليف العسكرية, إلى جانب استمرار المطالبة رسمياً والتأكيد على أن التماسك واللحمة الاجتماعية والاقتصاد السليم الجيد لإسرائيل هما الأساس في تحقيق الأمن, إلا أن كافة تلك الخطابات الرنانة المنمقة انهارت أمام متطلبات الحرب ويعلم الجميع أنه وبتكلفة إنتاج صاروخ واحد يمكن بناء قاعات دراسة حديثة.
وأعلن رئيس الوزراء المخادع ايهود أولمرت في النهاية مسؤوليته الكاملة عن الحرب, والحقيقة بذل ما أمكنه من جهود من أجل تفادي تلك الحرب, ومن ثم اختراع المصطلح غير المتعارف عليه (لجنة التحقيق العامة) مع احتفاظه بحق تسمية أعضائها وليس من صلاحياتها سوى إعطائه ورقة التوت كي يستر عورته.
في الواقع لا أحد في حاجة إلى لجنة تقصي حقائق, وتحقيق أو توضيح لأنه واضح لدى الجميع أن تلك الحرب كان نتيجتها الفشل الذريع, والأمر الوحيد الذي نحن في حاجة له هو أن يتحمل أحد ما المسؤولية بدلاً من التهرب منها وتجنبها, وعلى القادة الثلاثة أولمرت, بيريتس, حالوتس, استيعاب العبرة الوحية الممكنة من تلك الحرب والثلاثة هم المسؤولون عن هذه الهزيمة التاريخية, وهذه العبرة هي أنهم قادوا عربة الدولة خلافاً للتفكير السليم, وعليهم الاستقالة من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.