منذ أن تم تعيين بول وولفوتيز مديراً للبنك الدولي, اعتبر هذا القرار أنه استخفاف أميركي بالبلدان الفقيرة, وها هي أصوات كثيرة تتعالى اليوم وتطلب من هذه المؤسسة التي يرأسها وولفوتيز ألا تسيس فعالياتها.
وولفوتيز الذي أثار المخاوف منذ ترشيحه لهذا المنصب من أن يكون دوره سياسياً بالدرجة الأولى بذل جهوداً كبيرة لتكذيب ما قيل عنه وقال وقتئذ إن هدفه الأول هو مكافحة الفقر لكنه الآن يعمل على محاربة الفساد فقد طالب الأسبوع الماضي في سنغافورة بالمزيد من توخي الحذر واتباع سياسة محاربة الفساد من غالبية الدول, طبعاً هذا الطرح ليس جديداً فمنذ العام 1999 كان البنك الدولي قد رفع 2000 حالة غش واحتيال حول برامجه واتخذ عقوبات بحق 330 شركة أو أشخاص, وكان مديره السابق جيمس وولفنسون قد عمل بقوة على مكافحة الفقر ومشاريع أخرى عديدة, ومنذ وصوله إلى إدارة البنك في حزيران 2005 حاول وولفوتيز إعطاء الأولوية لأمور الإصلاح مدعياً أنه لا يطيق ولن يتسامح بأن تذهب أموال هذه المؤسسة المخصصة للفقراء إلى جيوب المديرين الفاسدين لكن هذا القرار أثار شغباً حيث قدرت المنظمات غير الحكومية مجموع القروض المجمدة منذ خمسة عشر شهراً بسبب هذه الشبهات بمليار دولار (780 مليون يورو) ما ينذر بالسوء وأن معايير البنك الدولي تبدو وقد تغيرت نظمها وأبعادها فمثلاً رفضت بنغلادش قرضاً بسبب نقص في المخصصات مما أثار استنكار هيلاري بن الوزير البريطاني للتنمية الدولية وتهديده بتعليق 74 مليون يورو بانتظار توضيحات حول الموضوع وهناك برامج عديدة لمصلحة بلدان أخرى مثل الكونغو وغيرها باءت بالفشل, وفي الاجتماع الأخير الذي عقد مع بداية الخريف الحالي جدد وولفوتيز مطالبه بتشديد المراقبة والحزم في موضوع مكافحة الفساد مبيناً أن هدفه ليس الحد من توزيع الاعتمادات كي لا يؤدي ذلك إلى معاقبة الفقراء, ودافع عن موقفه بأن قيمة القروض الممنوحة في العام 2006 زادت بمقدار 9% عن العام 2005 منها 9.5 مليارات دولار للبنى التحتية (+ 600 مليون دولار).
لكن كلام وولفوتيز هذا لم يقنع أبداً حاكمية البنك وبالرغم من أن لجنة التنمية أيدت الخطة لكنها أعربت عن تحفظات مهمة.
الوزيرة الفرنسية للتعاون والتنمية بريجيت جيراردن قالت: (ليس من مهام البنك الدولي السيطرة والعمل ضد الفساد إن المحور الأساسي لعمله هو الحد من الفقر وهذا ما يجب أن يبقى هدفه الرئيسي وصلب عمله). الكلام تكرر على لسان العديد من الوزراء من افريقيا ومن أوروبا, وزير التنمية في هولندا اعتبر أن التقييم يجب أن يتم وفق معايير موضوعية واضحة لا على أساس انطباعات فردية, مدير البنك البرازيلي دعا إلى أن التنمية لا يمكن فرضها على بلد ما, أما وزير المالية الصيني فقد أوجز القول بطلبه إلى البنك أن لا يسيس مهامه.
وأخيراً تمت ترجمة البيان بعبارات دبلوماسية تقول:
السيد وولفوتيز ندعوك بأن لا تزج نفسك في تجارب محفوفة بالمخاطر وأن لا تتدخل في شؤون الدول الداخلية, وأن لا تبتكر نظاماً جديداً لمخصصات القروض, وقبل الذهاب بعيداً المطلوب منك أن تحلل الأمور جيداً وتقدم حساباتك قبل انعقاد مجلس إدارة البنك في ربيع 2007 القادم.