|
بحثاً عن أجوبة ...هل سيطرنا على التضخم?! دمشق حول أسباب ذلك ومدى تأثر مجمل مؤشرات الاقتصاد السوري بارتفاع معدلات التضخم, وهل بالإمكان تحسين الدخول دون الوقوع في فخ التضخم التقينا الدكتور أكرم الحوراني الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الذي رأى أن أسباب زيادة الأسعار في قطاع العقارات يعود إلى هجمة الاستثمار العقاري الخليجي والذي يعتقد أنها ليست من أولوياتنا التنموية وكان من الأولى أن تستثمر تلك الأموال في الصناعة والزراعة والبنية التحتية. وحول أسباب التضخم في الاقتصاد السوري قال: في سورية تراكمت جملة من الأسباب المولودة لظاهرة التضخم أهمها: زيادة العرض النقدي إلى درجة تزيد عن حاجات التداول اللازمة لتمويل الزيادة في الدخل القومي, وحسب الاحصاءات الرسمية يجب أن تزيد الكتلة النقدية سنوياً بمقدار زيادة الدخل القومي مقسومة على سرعة دوران النقود التي يفضل أن تكون ما بين 2- 4 بالمئة حسب مؤشر وسطي الدول النامية اللاتضخمية, ولكن الذي حدث أن زيادة الناتج القومي خلال عام 2006 والمقدرة بنحو 5% قد ترافقت بزيادة الكتلة النقدية بمعدل 6% حسب تصريحات حاكم مصرف سورية المركزي وبما يعادل 80 مليار ليرة سورية وذلك لتغطية عجز الموازنة, وبالتالي فإن التضخم في سورية يعود لأسباب عديدة منها الأسباب النقدية ومنها الأسباب البنيوية المتعلقة بتكاليف الإنتاج المرتفعة الناجمة عن السياسات النافذة, إضافة إلى تأثير محدود للعوامل السياسية والجغرافية والمناخية والمقصود السياسية (المهجرين العراقيين أو اللبنانيين الذين يدخلون سورية). وسألنا الدكتور حوراني: كيف يمكن اتباع سياسة تحسين الدخول دون الوقوع في فخ التضخم?! أجاب: هذا الأمر ممكن عبر رفع إنتاجية العمل سواء في القطاع العام أو الخاص والسؤال المربك هل نضع العربة أمام الحصان.. أم الحصان أمام العربة..?! أي إن رفع الأجور يجب أن يأتي بعد رفع الإنتاجية, والسؤال هل يمكن رفع الإنتاجية دون تأهيل وتدريب متقدم متجدد ودون أجور ملائمة لمستوى الأسعار والمعيشة?! أيضاً يمكن رفع الأجور من خلال اتباع المزيد من سياسة الحد من الهدر وترشيد الإنفاق الجاري والإداري وذلك يمكن أن يشكل مصدراً من مصادر تمويل الأجور كذلك تحديد استراتيجيات وعناصر التكلفة للاقتصاد الوطني, يمكن أن يسهم في خفض التكلفة وزيادة عوائد عنصر العمل وبالتالي تقديم منتج بسعر منافس يحمل في مضامينه عوائد مجزية لعنصر العمل. ويرى الدكتور حوراني أن تحسين مستوى الخدمات الصحية والتعليمية والثقافية وخدمات البنية التحتية المجانية التي يحصل عليها العامل أو الموظف يمكن أن تسهم في زيادة قيمة الأجر الحقيقي للعامل أو الموظف. ولكن ما يشاهد عملياً هو زيادة الاتجاه لتدعيم دور القطاع الخاص في مجال الصحة والتعليم وبالتالي سينعكس ذلك في غير مصلحة الموظف أو العامل. وخاصة مع تزايد أعداد السكان وزيادة الضغط على الخدمات الحكومية المجانية. الباحث الاقتصادي حسين عماش يرى أن التضخم أصبح سمة ملازمة للاقتصادات الحديثة ولكن المهارة الاقتصادية في تخفيضه وتقليل معدله, فهو يقاس بنقطة أساس وينسب إلى التغير السنوي عادة. وإذا كان التضخم بمعدلات تقل عن 5% فإن الاقتصاديين لايرون فيه تأثيرا سلبيا على مؤشرات الاقتصاد السوري فهو ضمن المعدل المقبول في حياة اقتصادية معقدة ,أما إذا زاد عن ذلك فتأثيره سيكون سلبيا على مجمل الاقتصاد الوطني. وسألنا الباحث عماش هل يمكن اتباع سياسة تحسين الدخول دون الوقوع في فخ التضخم..?! فقال: من وجهة نظري لايوجد ربط مباشر بين سياسة تحسين الدخول والتضخم إلا إذا نظرنا إلى سياسة تحسين الدخول بأنها فقط الزيادة في الرواتب والأجور النقدية المتبعة لموظفي الدولة في سورية فهذه أحيانا تؤدي إلى التضخم لأن الزيادة ليست مرتبطة بتحسين الانتاجية وهي الأساس الحقيقي في تحسين مستوى الدخل ونظرا لانخفاض مستوى الرواتب والأجور لموظفي الدولة فان أي زيادة فيها لاتقابلها زيادة مماثلة في معدل التضخم لأن الاحتياجات الفردية الأساسية لاتزال كبيرة ومن المنطقي أن تتبع الدول سياسة تحسين مستوى الدخل من خلال عدة أدوات منها: إعادة توزيع فائض العمالة في قطاعات الدولة إلى المجالات الأكثر احتياجا وزيادة مستوى المهارات المعرفية والانتاجية للعمالة في سوق العمل ما يحسن من انتاجيتها ويخفض تكاليف السلع والخدمات المنتجة وضرورة اتباع سياسة نقدية متوازنة تحاذر فخ الوقوع في التمويل السهل للميزانية العامة وتخفيض العجز فيها . د. حيان سلمان: شبه التضخم بملح الطعام فزيادته ضرر وانخفاضه أيضا يشكل ضررا ومعذرة من علم الطب ويرى أن ارتفاع معدلات التضخم تودي إلى تراجع القدرة الشرائية وانخفاض في مستوى الدخول ما يشكل مصاعب كثيرة ولهذا قال أحد الاقتصاديين إن التضخم كالملاريا يجعل الحياة كريهة. ويرى د. حيان إن معدل التضخم إذا بقي عند حدود 4-5% فإنه يكون مقبولا وقناعته أن التضخم في سورية مصدره تضخم التكلفة وليس تضخم الطلب أو زيادة في الكتلة النقدية المطروحة في السوق ويوجد للتضخم أنواع عدة منها التضخم التدريجي والتضخم الزاحف والتضخم الجامح.. الخ. وقد تمت السيطرة على معدلات التضخم إلى حد ما في الاقتصاد السوري حتى نهاية عام 2006 وبداية عام 2007 وبدأت ترتفع الأسعار وهناك ما يبررها نتيجة تزايد الوافدين إلى سورية .
|