وفي معظم الحالات التي نواجهها تغيب الفرصة المتاحة للمبادرة ويصبح الحديث في معظمه انعكاساً لملامح الأخذ بصيغ النقاش والجدل الذي ينتهي في أكثر حالاته الى توسيع دائرة الخلاف دون أن تقدر ولو في الحدود الدنيا على فتح ثغرة في جدار التشاؤم المسيطر.
لذلك فإن أي مبادرة تبصر النور تبدو خارجة على المألوف وتحمل في طياتها ملامح القدرة على تحريك مياه راكدة واعتادت على البقاء خارج اطار المقاربة من أي نوع ولاسيما حين تكون المبادرة جزءاً من الحراك الفعلي لتجاوز النقاش وصولاً إلى خطوات ملموسة في هذا الاتجاه.
هذا ما ينطبق على مبادرة الفنان صباح حديدي حول حلقة القراء التي تقدم بها كمبادرة الى وزارة الثقافة, ونالت الموافقة المباشرة على البدء بها في المركز الثقافي العربي - أبي رمانة إبتداءً من الرابع من الشهر القادم وتعتمد على اختيار احدى كتب وزارة الثقافة وتوزيعها على مجموعة من القراء والمهتمين , ليعودوا بعد شهر للنقاش حول الكتاب مع مؤلفه او مع أحد النقاد إذا تعذر حضور المؤلف.
الفنان يأمل بأن تكون الخطوة بادرة أولى , ومؤشراً على امكانية توسيع الدائرة الى بقية المراكز , وهي تنطلق من الرغبة في كسر جدار التراجع المحيط بالقراءة ويفتح نافذة يمكن ان تشكل في جوهرها معبرا نحو تجاوز اشكالات النقاش الدائر دون نتائج ملموسة يحققها .ولا يخفي تفاؤله..
ربما من حقه التفاؤل خصوصاً أن مساحات الدعم لهذه الخطوة تتوفر في أكثر من منحى, وتشكل في جوهرها خروجاً عمليا من قوقعة التنظير التي لا طائل منها , وصولا الى خطوات لاحقة قد تكون اكثر فاعلية بحيث لا يقتصر الامر على دور الوزارة بل يصل حد مشاركة فعاليات ثقافية واقتصادية اخرى من جهات عامة وخاصة.