تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


التشريع والإصلاح الاقتصادي

خارج السرب
الأحد 22/7/2007
عبد القادر حصرية

غاية عملية الإصلاح الاقتصادي هي في جوهرها الانتقال من حالة اقتصادية معينة إلى حالة اقتصادية أخرى أفضل وذلك يتطلب تصفية مؤسسات قائمة أو إحداث مؤسسات جديدة, كذلك يتضمن الإصلاح الاقتصادي تنظيماً مختلفاً للعلاقات بين القوى الاقتصادية الفاعلة, وتحريم أفعال أو جعل بعض الأفعال التي كانت ممنوعة أمراً مباحاً.

وكمثال على ذلك عملية الإصلاح الاقتصادي في سورية قد أحدثت عدة مؤسسات جديدة منها هيئة التشغيل و هيئة الإشراف على التأمين, بينما نظمت فعاليات لم تكن قائمة ومنها مهنة الصرافة التي كانت محظورة قانوناً على القطاع الخاص لفترة طويلة, كما أن من المتوقع أن تتضمن قوانين المنافسة الجديدة تجريم الاحتكار ومنع المنافسة. ويثير إقرار أو وضع أي تشريع قضية مدى جاهزية البيئة الإدارية والاقتصادية له. وقد صدر خلال السنوات الماضية عدد من التشريعات التي تعثر تنفيذ بعض منها بينما لم ير تنفيذ البعض الآخر منها النور قط ودوماً كان التبرير مرتبطاً بتهيئة الأجواء لهذه التشريعات.‏

عندما تكون هناك حاجة للتشريع, فلا بد أن نأخذ بعين الاعتبار أن هناك عدة أطراف معنية به منها الجهات العامة ومنها الخاصة وكل هذه الجهات تحتاج إلى بعض الوقت لتهيئة نفسها لتنفيذه بعد أن يتم إقرار التشريع, فكيف يمكن أن نبدأ بالتهيئة لظهور أي مؤسسة, وهو أمر يتطلب موارد مالية عامة يحتاج تخصيصها للتشريع, بينما نتأخر في إصدار التشريع بحجة عدم الجاهزية. وهذا ما أشار إليه بطريقة واضحة خطاب القسم عندما أكد ضرورة فتح الطريق ومن ثم يتم الطلب من الأطراف المختلفة المعنية بأن تسير على هذا الطريق. ربما يبقى هذا الطريق شاغرا لسنة أو لسنتين, ولكن بصدور التشريع يتم قطع الطريق على أي جهة تحاول عرقلة الاصلاح بحجة أنه لا توجد التشريعات الضرورية للانطلاق في هذا العمل. إذا التشريع أولا, ثم يتم قياس أداء الجميع وفق تجاوبهم مع ضرورات تطبيق هذا التشريع وليس العكس. تاريخنا التشريعي الحديث فيه ما يؤيد صوابية هذا التوجه, فقانون مصرف سورية المركزي الذي صدر في العام 1953 نص على استكمال إحداث مصرف سورية المركزي ومجلس النقد والتسليف في العام .1956 هذا القانون كان تجاوباً مع حاجة ملحة لمؤسسة وطنية تقوم بإصدار العملة الوطنية. وبالفعل صدر القانون ومن ثم تمت عملية تأسيس مصرف سورية المركزي. كذلك ففي قانون المصارف الإسلامية, كان هناك جدل حول أولوية صدور تشريع لترخيص المصارف الإسلامية أولا أو تهيئة مصرف سورية المركزي لمراقبة المصارف الإسلامية وترك المصارف الخاصة التقليدية لفترة معينة لترسخ وجودها, ثم يتم إصدار التشريع. لكن استقرت الأمور على أساس الإسراع في إصدار القانون رقم 35 لعام 2005 والذي بفضله تم ترخيص ثلاثة مصارف إسلامية رأينا إقبالا منقطع النظير على الاكتتاب في أسهمها.‏

من الواضح أن للعملية التشريعية أولوية وعلى جميع الأطراف المعنية الأخرى أن تساهم في تحضير نفسها لتوافي متطلبات التشريع الجديد باعتباره يعكس سياسة المشرع في الإصلاح وتلبية حاجات تطور الاقتصاد الوطني.‏

خبير مالي ومصرفي‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية