في أحيان كثيرة يتم عزله عن الحياة والخجل من وجوده, ما ينعكس سلبا عليه من الناحية الإنسانية والنفسية والاجتماعية, مع العلم أن حالات كثيرة تثبت أن للمعوق قدرة خاصة إذا ما تم التعامل معها بالشكل السليم, كما تشير الحقائق الحياتية والنظريات العلمية كما نظرية /أدلر/ في الشخصية وقدرتها التعويضية عن الإعاقة, أما الحالة المثلى فتستلزم التفهم والوعي والتعاون ما بين الأهل والمجتمع لمساعدة المعوق لتجاوز إعاقته بالتكييف والاندماج الاجتماعي, كما تؤكد الآراء التالية:
الطالب كميل سلمان كفيف قال: لانطلب من المحيطين إلا النظر بثقة بعيدا عن الشفقة التي تشعرنا بأننا دون الآخرين, إذ يمكننا أن نكون أناسا فاعلين ونجد مجتمعنا مثلنا مثل أي إنسان معافى, إذا ما توفرت الظروف المناسبة, الاهتمام اللازم, وبالنسبة لي رعتني أسرتي وأمنت احتياجاتي ومنحتني الثقة بأن أستطيع العمل لكثير من الأشياء, ما جعلني أتفوق في دراستي حيث جمعت في الشهادة الإعدادية /206/ علامات, إذ لدينا القدرة للقيام بإنجازات كثيرة لكن بشروط أولها الثقة وتقبل المجتمع على ما نحن فيه وهذا من شأنه أن يساعدنا على تقبل أنفسنا وتأمين الجو الإنساني المريح.
أما الآنسة رانية الأحمد مصابة بشلل قالت: رغم إصابتي وإعاقتي لدي العزيمة اللازمة والمقدرة على المتابعة, خصوصا أن الأهل لايشعرونني بإعاقتي, بل المعاملة كأي فرد عادي من الأسرة, وهذا يساعدني على التعايش مع حالتي ,ولا أنكر أن الوضع المادي ساعدني حيث أصر الأهل كي أعمل في محل أمنوه لي ,خاص للبيع ,استأجروه لي فأرى الناس وأتعامل معهم وأستفيد من علاقتهم, وأنسى إصابتي وأشعر بأنني أنجز شيئا مفيدا, إذ أحقق مردودا ماديا لابأس فيه, إن لم يكن الهدف الأساسي.فحالتي واقع لا أستطيع تجاوزه, أما التعامل الإيجابي من قبل الأهل والوضع المادي المريح أخذ بيدي إلى الحياة العادية بالقبول والتعويض والعمل. وبكل صدق هذا الوضع جعلني محمية من الناحية النفسية, وأنا أعمل وأنتج وأتعامل بشكل صحي مع المحيطين.
السيد محمد الجداري:حيث كان لديه الجرأة على تدريب فتاة صماء في العمل عنده فقال عن تلك التجربة: يمكن لصاحب الإعاقة أن ينجز أعمالا كثيرة, وقد تصديت لتلك الفكرة, رغم علمي بأن الفتاة نطقها صعب, ولم أشعر بالندم, فقد كانت فنانة في عملها خصوصا أنها تملك الرغبة بالتعلم والعمل, وهذا يعود لتأثير الأهل وتدريبها في الأصل على كثير من الأعمال الفنية كالرسم, فكان لدي الاستعداد لاستقبالها وها هي تتعلم بسرعة وبكل صدق رغم وجود أخريات في صالون التزيين النسائي فإنها تظهر ذائقة فنية واضحة, وتقدم اقتراحات جيدة بلغة الإشارات, ومن وجهة نظري على كل أفراد المجتمع التعامل مع هذه المجموعة من الناس بثقة بعيدا عن اللامبالاة والمساهمة ما أمكن لمساعدتهم, المهم أن تتكون الجرأة والمبادرة , كي لايصبح ذلك الإنسان معزولا وخارج الحياة, إذ يمكن أن نحوله إلى شخصية فعالة بتغيير مفاهيمنا حول قدرته وأقول ذلك عن تجربة عايشتها بنفسي.
أما علي الحسين دبلوم إرشاد اجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة قال حول التعامل مع المعوق: إن توعية المجتمع بأصول التعامل مع فئة ذوي الاحتياجات الخاصة, بات أمرا ضروريا, حيث يتوجب رعاية تلك الفئة اجتماعيا وتربويا وصحيا, خصوصا أن ذلك المعوق يعاني في كثير من المشكلات المتعلقة بحالته النفسية والاجتماعية, حيث يعاني من عقدة النقص ممثلة في القيد المفروض من العزلة وضعف علاقته بالمجتمع, ما يؤدي إلى ضعف الاندماج الاجتماعي وصعوبته, ولديه أيضا عدم ثقة بالآخرين وذلك ناتج عن عدم استقراره وقلقه بسبب حالته, مضافا إلى هواجس العدوانية ونقص الثبات الانفعالي السلوكي وفشله في تحقيق التوافق الاجتماعي.ولكل هذه الأسباب مجتمعة تجعل المعوق يحتاج إلى طريقة تعامل تأخذ تلك الأسباب بعين الاعتبار محاولة مساعدته في التكيف مع المحيط وإدماجه معه, وهذه مسؤولية الأسرة والمجتمع برعايته سلوكيا ونفسيا وانفعاليا.
لذلك يجب أن يكون الإرشاد الموجه له لإعداد إنسان يقوم بدور إيجابي كما الإعداد لفرد صالح للحياة ثم مساعدته على فهم نفسه والآخرين, وإبعاده عن أي مؤثر سلبي, ثم معرفة ميوله وتحقيقها, وبث روح الثقة فيه وإفهامه أن إصابته لاتعني نهاية الحياة.
وأشير هنا إلى أهمية الإعلام في التوعية حول الإعاقة من جهتين, الأولى طريقة التعامل مع المعوق ومن جهة ثانية التوعية حول مسبباتها الصحية لتجاوزها أو العادات الاجتماعية كزواج الأقارب والوراثة وغيرها.
والاهتمام بهذه الفئة ضروري كونها تحتاج الدعم المادي والمعنوي, كما أن هناك نظريات علمية تؤكد على أن الحاسة المفقودة تتوزع قواها على باقي الحواس, وبالتالي يمكن للمعوق أن يعمل ويبدع, بما يعود عليه بالفائدة نفسيا ومعنويا, ولابد من التأكيد على أن الاهتمام بالمعوق ومشكلاته هو مسؤولية اجتماعية مشتركة على الجميع المساهمة فيها أفرادا ومؤسسات اجتماعية.