كما انها دافع كبير لفئة من الطلاب لمواصلة التفوق وتحقيق غاياتهم واهدافهم العلمية في متابعة التحصيل الدراسي.
وفي عام 1998 صدر المرسوم بإحداث ثانوية في كل محافظة من محافظات القطر تضم الطلبة المتفوقين من ابناء هذه المحافظة, وجاء هذا المشروع تشجيعا لمجموعة من الطلاب استطاعت بجهدها ومثابرتها ان تحصل على درجات في المرحلتين الابتدائية والاعدادية تؤهلها لتفوق اكبر في مراحل دراسية أعلى لتأمين المستقبل المرجو .
هل تحقق ذلك ..?
نص المرسوم على ان تولي وزارة التربية, اهمية خاصة لهذه المدارس كاختيار المدرسين الجيدين واختيار المدارس التي تتمتع بموقع وسط في المدينة او مركز المحافظة وتخصيص وسائط نقل من منازلهم إلى المدرسة وبالعكس ,وقسم داخلي يضم الطلبة الوافدين من مدن وبلدات المحافظة يقدم لهم فيه السكن والطعام ووسائل الراحة...الخ.
اما عملية القبول فتحدد بمسابقة تجري في كل محافظة يشترك فيها الطلاب الذين حصلوا في شهادة الدراسة الاعدادية على مجموع 260 درجة فما فوق, ومعدل قدره 90% في مرحلة التعليم الابتدائي .
وكان الاقبال شديدا على هذه المدارس في الاعوام الاولى , ووفد الطلاب من البلدات والقرى واستأجروا منازل على أمل أن تسوى أمورهم بتأمين قسم داخلي لهم, ولكن هذه الآمال فقدت وتضاءلت معها حوافز التفوق والابداع وربما تناسى المسؤولون في وزارة التربية هذه الامور المهمة التي نص عليها المرسوم.
ما السبيل لإنجاحها ?
مما لاشك فيه ان مدارس المتفوقين مشروع وطني لاستثمار طاقات الشباب ومعرفة مؤهلاتهم كي يشاركوا بفاعلية في عملية بناء المجتمع, من هنا فإنه يعول على هذه المدارس الكثير الكثير .. لكن السؤال هل تؤدي هذه المدارس الغاية التي جاءت من اجلها فيما يتعلق بآليات بنائها وتأمين مستلزماتها واحتياجاتها وانتقاء كوادرها..??
ثم السؤال الأهم: ماذا قدمت هذه المدارس للمتفوقين?!
من هنا كان لقاؤنا مع الباحث التربوي الاستاذ خليل المداد ليوضح لنا بعض النقاط المتعلقة بمدارس المتفوقين وليجيبنا على هذه التساؤلات والاستفسارات , حيث يقول :
اولا :رغم اهمية هذه المدارس فإن ذلك يتطلب منا دراسة تحليلية لها تبين ما حققته , وما هي بحاجة إليه, من هنا نقول: ان الابنية المخصصة لهذه المدارس هي نفسها, وكذلك نفس المدرسين ونفس المخصصات للمدارس العادية الاخرى,وكذلك نفس الوسائل التعليمية الموجودة سابقا, ولم يسمح لمديري المدارس بتغيير المدرسين او بعضهم مع ان الوزارة سهلت هذا الامر الا ان هذا لم يحدث الا في نطاق ضيق لاعتبارات كثيرة كانت تفرض على المدير ولم يتمكن من تجاوزها كي لا يقع في مطبات لا يريدها ويرضى الطلاب بالامر الواقع حيث شعروا وكأن شيئا لم يتغير في طبيعة هذه المدارس.
تساؤلات مشروعة
ويتساءل المداد قائلا: ما الجدوى من احداث هذه المدارس اذا لم يتم اي تغيير في بنيتها , اذ ان الملاحظ تناقص اعداد الطلبة والطالبات المنتسبين اليها بعد ان لمسوا عدم جدواها وعدم تقديم المتطلبات الاساسية للطلبة. ورغم اننا لا نستطيع التقليل من اهمية ودور هذه المدارس وما قامت به من تقديم كوادر جيدة لجامعاتنا إلا انها استنزفت معظم الطلبة المتميزين من مدارسهم الاصلية وضمتهم في مدرسة واحدة فكأننا بهذا فصلنا الرأس عن الجسم..!!
حيث ان وجود عدد من الطلبة المتفوقين في كل شعبة يعتبر حافزا أودافعا لبقية الطلبة بالاقتداء بهم بدافع الغيرة والتقليد بدلا من جمعهم في مدرسة واحدة .
وما دفع الطلبة المتفوقين الى الانتساب لهذه المدارس هي الميزات التي وعدوا بها, فإذا كانت معاملتهم بعد حصولهم على شهادة الدراسة الثانوية كبقية الطلاب تصبح هذه المدارس عديمة الجدوى , واذا كانت الوزارة مازالت مصرة على هذا التمايز وابقاء المدارس المخصصة للمتفوقين كما هي ولكي نحقق النجاح المطلوب دون إلغائها فإنني ارى ان بعض التعديلات والملاحظات قد تسهم في اعادة تكوينها ودعمها من خلال : تأمين البناء الفني الذي يضم قاعات تخصص للنشاطات العلمية والتقنية الحديثة من مخابر ووسائل تعليمية وحواسيب,والتغيير في بنية المدرسين واختيار العناصر الكفوءة والاكثر خبرة وتجربة وتخصيص منحة شهرية تساعد الطلبة القادمين من الأرياف والبلدات القريبة, وتشمل كافة الطلبة المنتسبين , وكذلك تخصيص وسائل نقل وقسم داخلي للطلبة البعيدين عن مركز المدينة والا فإننا سنفقد اهمية هذه المدارس وضرورة وجودها .