هذا ما يحاول الكتاب الصادر حديثا عن وزارة الثقافة الاجابة عليه, الكتاب من تأليف : بول هازار وقد نقله الى العربية الدكتور محمد غلاب وراجعه د.ابراهيم بيومي مدكور .
الكتاب يستغرق 655 صفحة من القطع الكبير وهو يتوزع على اربعة اقسام وكل قسم مجموعة من الاجزاء والفصول والكتاب ايضا جزءان ويتناول تاريخ الفكر الاوروبي من منتسكيو الى ليسنج ولا يكاد يخلو فصل من فصول هذا الكتاب من اثارة بعض مشاكل الضمير او ان يخلو فصل من فصوله من ان يسجل هزات امتدت حتى وحصلت الينا وليس معنى هذا ان كل شيء ابتدأ في سنة 1715 م بل اننا نحن انفسنا كتاب سلف جعلنا تاريخ ابتداء ازمة الضمير الاوروبي حوالي سنة 1680 ومنذ ذلك الحين أبان آخرون عن الطرق التي التقى بها تفكير عصر النهضة بتفكير القرن الثامن عشر .
ويرى المؤلف انه في القرن الثامن عشر كانت ترتفع اولا ضجة من النقد فيأخذ المحدثون على اسلافهم انهم لم ينقلوا اليهم سوى مجتمع سيىء التكوين كله اوهام وآلام وان الماضي السحيق لم ينته الا الى البأساء والالم ?
وعلى هذا النحو يشرعون علناً في قضايا وصلت حد الجرأة الخارجة عن المألوف .
وكان اولئك يظنون انهم يبنون وكانوا يحسبون ان نور عقولهم سيبدد عظائم اكداس الظلام التي كانت الارض مغطاة بها وانهم سيعثرون على منهج الطبيعة وانه ليس عليهم الا ان يتبعوا هذا المنهج لكي يظفروا بالسعادة المفقودة وانهم سيشيدون حقا جديدا .
في القسم الاول يتناول المؤلف مفهوم السعادة بين المفكرين و الشعراء ويرى ان الشعراء خصصوا قصائد للتنقيب عن السعادة وقد طلب الكثيرون من فولتير ان يقدم النصح في هذ المجال فقال : انه موضوع جميل ويستحق الاهتمام ولذلك عمد الشعراء الى اختراع ابطال وهميين يجوبون العالم باحثين عن معنى السعادة.
الفصل الثالث يتحدث عن العقل والانوار ورأى فلاسفة القرن الثامن عشر ان سمو العقل ينتهي بأن يتبين بوساطة قوته النافعة فالعقل هو الذي سيسير بالعلوم والفنون نحو الكمال وان هذا سيضاعف جمال حياتنا وسهولتها .
ويرى ان الفلسفة في ذلك العصر قد أصبحت كتلة ثقيلة من المعارف وقد كدست اكثر مما شيدت .
القسم الاول من الكتاب ينتهي عند الصفحة 137 ليبدأ القسم الثاني منه وليستغرق ما تبقى منه وقد بدأ بفصل حمل عنوان : (مدينة الاناسي) ومن ثم يبحث في علوم الطبيعة والحق الطبيعي وبعد ذلك ينتقل الى مناقشة الاخلاق فأهل القرن الثامن عشر كانوا يقولون اننا لم نعد نريد الاخلاق الرواقية ولم نعد نريد الاخلاق الارستقراطية لاننا لم نجد فيهاإلا رائحة القرن السابع عشر ولم نعد نريد ان يكون رجال ا للياقة مرشدينا لأنه متأخر ولأن محامده تنال بثمن مفرط في الانخفاض الى حد لا يحسد عليه.
أما الفصل السادس فيتحدث عن التربية مع ظهور كتاب ايميل لجان جاك روسو فقبل ظهور هذا الكتاب كما يقول لاشاتوليه: يبدو انه فيما يتعلق بالآراء الخاصة بالتربية يوجد لدى الكافة في اوروبا نوع من التخمر ولذا طلب من الفلاسفة والمربين ان يؤدوا شيئا ذا فائدة وعليهم تجاوز ما هو موجود ويعيق التطور).
الكتاب يتناول سيرورة الفكر الاوروبي وتحولاته وانجازاته في القرن الثامن عشر قرن الانوار وهو سفر هام يبحث في العلوم والمعارف كلها ولا يمكن للمثقف المهتم بالشأن الثقافي العام الا ان يقف عند هذا الكتاب مطولا .