وفي إنتاج اللحوم البيضاء تبلغ الفجوة 16-20%من استهلاك السكان وفي اللحوم الحمراء 12% في المتوسط وخلال أعوام 1999-2001 لكن الدول العربية تعتبر مكتفية ذاتياً من الخضار إذ لا تتجاوز الفجوة الغذائية فيها/1%/ بينما تقدر الصادرات العربية منها بنحو/1,2/.
هذا ما جاء في محاضرة المهندس/محمد رحمون/ التي ألقاها ضمن ندوة إرشادية جماهيرية أقامتها مديرية الزراعة في حمص بالتعاون مع جامعة البعث وغرفة الزراعة ونقابة المهندسين الزراعيين واتحاد الفلاحين وغرفة التجارة والصناعة وشركات القطاع العام تحت عنوان:(أهمية وأهداف التسويق الزراعي وآليات عمله في ضوء المستجدات العربية والدولية).
يقول الاستاذ رحمون في محاضرته التي حملت عنوان (استغلال الميزة النسبية لتدعيم وصول المنتجات الزراعية العربية إلى الأسواق الأوروبية والعالمية) ويتساءل هل تتمتع الدول العربية بالميزة النسبية في تصدير المواد الزراعية?! ويقصد بالميزة النسبية المبدأ الأساسي الذي تبنى عليه نظريات التجارة الخارجية والذي تم تطويره إلى مبدأ الميزة التنافسية, فالأول يعتمد على ما يتوفر لدى الدولة من موارد طبيعية رخيصة وبالتالي انخفاض تكلفة الإنتاج ما يمكن الدولة من المنافسة في الأسواق العالمية ,
وهنا تتجه الدول نحو التخصص في المنتجات التي تتمتع بميزة نسبية ويلاحظ تمتع بعض صادرات الدول العربية بالميزة النسبية في السوق السعودي كالبطاطا اللبنانية, البندورة السورية, البصل الجاف والفاصولياء المصرية, كما تتمتع الصادرات السورية واللبنانية من القرنبيط والكرنب بالميزة النسبية والتنافسية, ورغم أن أسعار العدس السوري تبلغ نحو/551/دولاراً للطن بالمقارنة بنحو/295/دولاراً للطن المستورد من أسواق غير عربية إلا أن النصيب السوقي للعدس السوري قد بلغ 23% ما يدل على تمتعه بميزة تنافسية.
وهذا ينطبق على الصادرات السورية من العنب (26%) والمشمش (65%) والخوخ(25%) ويظهر متوسط قيم الصادرات الزراعية العربية والأهمية النسبية لكل سلعة أن صادرات البرتقال تحتل المرتبة الأولى(36,6%) من إجمالي الصادرات العربية من الفاكهة خلال أعوام 1995¯¯ 2000 يليها اليوسفي 24,6% فالبلح 20,5% .
أما البندورة والبطاطا فهي من أهم صادرات الخضار العربية على الإطلاق ,وفي نهاية المحاضرة الأولى يأتي الأستاذ (رحمون) على ذكر العقبات التي تواجه دخول المنتجات العربية إلى الأسواق الأوروبية ونلخصها بما يلي: التعريفة الجمركية المتكاملة للدول الأوروبية, نظام أسعار الدخول, توسيع عضوية الاتحاد الأوروبي ولوائح صحة النبات, أما المقترحات الكفيلة بتنسيق الجهود العربية في مجال تسويق وتصدير المنتجات الزراعية والترويج لها فيأتي في مقدمتها إنشاء بنك معلومات وبيانات تجارية وطنية وعالمية لخدمة المصدرين ثم إحداث هيئة أو منظمة قومية تضع خطة متكاملة للصادرات العربية, فالبحث عن أسواق خارجية ومنتجات ودراسة أنماط الاستهلاك في تلك الأسواق وإعلام المصدرين العرب عن فرص التصدير والتسهيلات الجمركية وغير الجمركية الممنوحة في الأسواق الخارجية هذا إلى جانب تنفيذ أنشطة ترويجية للمنتجات العربية كالبعثات التجارية والمعارض التخصصية والندوات والمؤتمرات.
وحول أساليب التسويق ودورها في زيادة الإنتاج الزراعي ألقى الدكتور سهيل خياط من جامعة البعث محاضرة بين من خلالها الفرق الكبير بين كلمتي (السوق) و(التسويق) ويعني الثاني تحليل وتنظيم وتخطيط ورقابة موارد المشروع وأوجه نشاطه المتعلقة بالمستهلك الأخير بهدف إرضاء احتياجاته وبذلك تتحقق أرباح المشروع الزراعي .
أما التصدير فيعني تسويق منتجات دولة معينة إلى دول مجاورة ,وهنا لابد من دراسة حاجة الأسواق المحلية وتأمينها قبل القيام به, ويرى الدكتور خياط أنه ومن أجل تطوير أساليب التسويق الزراعي لابد من الاهتمام ببحوث التسويق وإيجاد نظام معلومات يمكن اعتماده في دراسة وتحديد المشكلة وتطوير التسويق الزراعي ومعالجة المشكلة بأقصى درجات الدقة والموضوعية, وهنا ينبغي جمع البيانات الخاصة بالبيئة الاقتصادية والتكنولوجيا للمشروع والبيانات الخاصة بالمشترين والموزعين أيضاً.
وللقيام بكل ذلك لابد من تحديث التشريعات الخاصة بتصدير واستيراد المنتجات الزراعية وإحداث مديرية خاصة للتسويق الزراعي لدى وزارة الزراعة والمديريات التابعة لها والتركيز على نوعية المنتج السوري عند التصدير, ولابد من وجود جهة مسؤولة عن إعطاء شهادات مطابقة الجودة يتبعه تحديث المواصفات القياسية للمنتجات الزراعية ومطابقتها للمواصفات العالمية وتفعيل دور الملحقية التجارية في السفارات السورية.
بعد ذلك تناولت الدكتورة يسرى مباركة في محاضرتها( منظمة التجارة العالمية وأثرها على الاقتصاد الزراعي السوري).
وبعد التعريف بالمن¯ظمة التي أنشئت عام 1995 تطرقت الى مهامها والهيكل التنظيمي لها, ومن ثم بينت أهم المبادىء التي تقوم عليها وتذكر منها : مبدأ الدولة الأولى بالرعاية : أي عدم التمييز بين الدول الأعضاء ثم مبدأ المعاملة الوطني والمقصود به عدم التفريق بين السلع المنتجة محليا والسلع المستوردة ومبدأ إلغاء القيود الكمية واستبدالها بالقيود الجمركية ومبدأ التجارة العادلة.
وعن الأثر المترتب عن انضمام سورية لمنظمة التجارة العالمية على القطاع الزراعي قالت : إنه في حال الانضمام الى المنظمة سيكون قطاع الزراعة أمام واقع جديد سينتج عنه أثار من أهمها : تغيرات في فرص النفاذ الى الأسواق , تخفيضات على الدعم المقدم للمنتجين الزراعيين تحويل القيود الكمية الى تعريفات جمركية وتخفيضات على الدعم المقدم للسلع الزراعية المصدرة .
إذا فان السلع ذات الأهمية الاستراتيجية كالحبوب والقطن سوف تتعرض للمنافسة في الأسواق الدولية عند انضمام سورية للمنطقة لكن انضمام سورية لايعني بقاء شروط الانتاج والتسويق على ماهي عليه الآن بل لابد من القيام باجراءات معينة من أهمها :
زيادة انتاج القمح القاسي الذي تتميز به سورية وتطوير التكنولوجيا المستخدمة في خزن وفرز وتنظيف القمح قبل تصديره والانتقال الى تصدير الطحين بدلا من تصدير القمح نظرا لارتفاع القيمة المضافة عند تحويله الى دقيق ,هذا بالاضافة الى تطوير صناعة المعكرونة.
وفيما يخص القطن ينبغي في المرحلة القادمة ولدى انضمام سورية لمنظمة التجارة العالمية العمل على تخفيض مساحة الأراضي المزروعة بالقطن والانتقال الى تصنيع وتصدير الملابس القطنية بدلا من تصدير القطن الخام والغزول القطنية.
أما في مجال الخضار والفواكه فلن تتعرض للمنافسة كما هو متوقع لتميز هذه المنتجات بخلوها من المواد الكيميائية.
بعد ذلك عرجت الدكتورة (مباركة ) على الحقوق والالتزامات المتأتية عن الانضمام للمنظمة ,ولعل من أبرز تلك الحقوق :حق السلعة السورية من الدخول الى الأسواق العالمية بأفضل معاملة من حيث تطبيق التعرفة الجمركية للواردات وفقا لتعرفة منظمة التجارة العالمية المخفضة, ونبهت الى ضرورة تمسك المفاوض السوري بالتوازن بين الالتزامات والحقوق المترتبة على ذلك عبر فرض تعرفة جمركية مرتفعة الى حد ما على السلع المطلوب حمايتها او التي تشكل مورداً للخزينة ,واستخدام اسلوب التثبيت الجمركي ووضع برنامج زمني يتيح لسورية امكانية ترتيب الاوضاع الاقتصادية والمنتجات السورية مع المستجدات ومن جهة الآثار السلبية فستحدث على الميزان التجاري نتيجة رفع الدعم عن أسعار السلع والمنتجات الزراعية الغذائية ,كما أن قضية حقوق الملكية ستحمل نفقات كبيرة في تعاملها مع عمليات نقل التكنولوجيا من الشمال بسبب اتساع الفجوة التكنولوجية بين سورية والدول المتقدمة وربما تعلن بعض الصناعات الزراعية الصغيرة والمتوسطة إفلاسها وغيره من الأثار الاقتصادية التي تختلف فمنها ماهو ايجابي ومنها ماهو سلبي .
واختتمت الدكتورة (مباركة) محاضرتها ببعض المقترحات والتوصيات كدراسة اتفاقية منظمة التجارة العالمية وماترتبه من حقوق والتزامات ,وضرورة تعاون الأجهزة الحكومية وغير الحكومية في تحديد معوقات التصدير للسوق الدولية وأهمية تبادل الخبرات مع الدول العربية وغير العربية الأعضاء في اتفاقية التجارة العالمية أو الدول التي في طريقها للانضمام وانه هناك 148 دولة عضو في منظمة التجارة العالمية حتى تشرين أول من عام 2004 وهناك /30/ دولة تطلب الانضمام اليها وتبلغ ميزانية المنظمة 160 مليون فرنك سويسري ويتم تسويق 90% من الانتاج الزراعي عبرها .
فهل تتقدم سورية بطلب انضمام لتلحق بركب الدول التي سبقتها خاصة وأن المتغيرات العالمية والتكتلات الاقتصادية الكبيرة باتت تفرض ذلك !!?
ˆ