تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أوتار .. إلى الله أشكو ما ألاقي من الهوى

آراء
الخميس 17-6-2010م
ياسين رفاعية

سيرة الحب هي سيرة الناس في كل مكان. ولكن كل أمة يختلف معناها عندها، والغرب يجد في الحب الاتصال بين المرأة والرجل.. ولكن إلى حين. التقيت ذات مرة بالدكتورة مارغريت هينز في لندن وهي أستاذة علم نفس، ومما قالته لي:

إن القرب دنسّ معنى الحب، وأصبح عبارة عن الجنس لا أكثر ولا أقل.. وقالت: أنتم في الشرق أعطيتم الحب معناه الحقيقي وخصوصاً ما يسمى عندكم «الحب العذري» أو الحب المستحيل وهو أجمل ألف مرة من حب هدفه أولاً وأخيراً التواصل الجنسي واستغربت هذا الكلام من امرأة تعيش في الغرب حيث كل شيء متاح بالنسبة للمرأة والرجل على حد سواء.‏‏

وكررت القول: جمال الحب في التراث العربي احترام الجنسين كل منهما للآخر... بينما في الغرب، مهما شغف رجل بامرأة أو العكس يخونها أو تخونه عند أي امرأة أو رجل آخر.. وقالت إن كل الشباب الذين درستهم علم النفس والفلسفة خرجوا باقتناع أن الحب الشرقي أجمل ألف مرة مما نسميه هنا حباً، وما هو إلا إعجاب ينتهي إلى غرفة النوم، وبعد ذلك يذهب كل واحد إلى حياته العادية باحثاً عن مغامرة جديدة لا علاقة لها بالحب الأصيل الذي قرأناه في كتب تراثكم العظيم.‏‏

لم أرد أن أقول للدكتورة هينز: إن الوضع في بلادنا أصبح يشبه الوضع في بلادكم، فالشرقي أصبح يقلد الغربي دون وعي حتى الغناء العربي أصبح صراخاً وعزفاً غربياً لا يكاد المرء يفهم شيئاً مما يغني أمامه. ولم يعد هناك، بين الذين يغنون على مسارحنا من يشبه أم كلثوم أو عبد الحليم حافظ أو السورية العظيمة ماري جبران التي أنشدت كثيراً الحب الصافي الأصيل بما يشبه الترتيل وعمق الصوت الأصيل وخصوصاً دورها: أصل الغرام نظرة فالحب شيء من الصلاة، وشيء من التأمل، وهذا ما افتقدناه في غنائنا الحديث الممسوخ، واندرج الشباب وراء هذا الغناء فأثر في نفسيتهم أنظر بعضهم يقلد النساء فيضع في أذنه قرطاً، أو يطول شعره ويعقده ضفيرة أسفل عنقه من الخلف، تقليد لهبيي الغرب بكل تفاهتهم، بل أصبحنا أكثر تطرفاً من الغرب نفسه.‏‏

كانت الدكتورة هينز معجبة إعجاباً شديداً بالحب العذري، بل شجعت تلامذتها على ممارسة مثل هذا الحب الذي يصعد بالروح إلى جمال الحياة الحقيقي، وضربت لهم أمثالاً عن جميل بثينة وعنترة وقيس الملوح وكثير عزة وقيس المجنون... وأشارت لهم إلى شاعر فرنسا الكبير اراغون الذي أراد أن يقلد مجنون ليلى بأن أطلق على نفسه «مجنون الزا» فكتب لها ذلك الشعر الراقي متمثلاً المجنون بكل أشعاره، حتى يقال: إن بايرون نفسه تأثر بهذا النوع من الشعر العربي وتكريس جمال المرأة وعنفوانها واحترامها لنفسها، وقبول الشعر الجميل فيها سراً وعلانية ومن أجمل ما قاله اراغون لإلزا:‏‏

هل قضي علي أني عن ضعيف‏‏

أخطأت هذا الخطأ‏‏

هل قضي علي أن أجرحك‏‏

حين أرفع صوتي‏‏

أنا ما استطعت أن أكتم من يومي‏‏

ما نحبس من أشياء‏‏

فإذا شمسه تفضح الحب‏‏

الذي ما هو غير تمتمة‏‏

لكني مع ذلك يبقى في‏‏

مكان لذات مساء‏‏

مات في صمته‏‏

نشيد أسود‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية