تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نتنياهو .. لعبة التفاوض من أجل التفاوض

شؤون سياسية
الجمعة 18-6-2010م
حسن حسن

رئيس الحكومة الإسرائيلية المتطرف بنيامين نتنياهو لايمانع في التفاوض، كما يقول، ليعود إلى لعبة اسحق شامير عندما ذهب إلى المؤتمر الدولي في مدريد عام 1991،

وفي نيته التفاوض مع الفلسطينيين والعرب لعشرات السنين تكون إسرائيل خلالها تمكنت من فرض الأمر الواقع على الأرض، بحيث يصعب تغييره عند البحث عن أي تسوية.‏

نتنياهو يقبل معادلة التفاوض من أجل التفاوض ريثما يكون قد أحكم ربط القدس الشرقية بالكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية، وريثما يكون استكمل جدار الفصل، وأرغم فلسطيني القدس الشرقية على الرحيل من خلال سياسة هدم المنازل التي بدأتها حكومة أولمرت. وفضلاً عن أن نتنياهو غير مقتنع بفكرة الانسحاب من الأراضي الفلسطينية مقابل السلام، لكنه يضم في حكومته مجموعة أحزاب كان شرطها الأساسي للقبول بالانضمام إلى حكومته هو عدم الدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين حول قضايا الوضع النهائي، مثل القدس وحدود الدولة الفلسطينية والمستوطنات واللاجئين. فإذا أراد نتنياهو أن يسير في اتجاه أي من هذه القضايا، فلن يتمكن من الاحتفاظ بائتلافه الحاكم.‏

وليبرمان كان واضحاً في هذه النقطة عندما قال:« لن أقبل في أي حال من الأحوال أن يقول الليكود إنه سيمضي قدماً في عملية التفاوض مع الفلسطينيين».‏

وعن التفاوض مع سورية يقول: لن نتنازل عن ميليمتر واحد من الجولان. ومعلوم أن نتنياهو لايستطيع أن يذهب بعيداً في تحدي ليبرمان حتى ولو حصل على مساندة ايهود باراك، فانسحاب ليبرمان من الحكومة الإسرائيلية يعرضها للسقوط. لذلك سيظل نتنياهو محكوماً بعدم تجاوز برنامج حزب «إسرائيل بيتنا» الذي يدعو إلى فرض الولاء على فلسطيني عام 1948 أو الرحيل من أرضهم، ويدعو إلى توسيع الاستيطان وإلى عدم التنازل عن أراض بأيّ حال من الأحوال، ويرفض حتى فكرة التفاوض مع الفلسطينيين.‏

ونتنياهو محكوم أيضاً بحزب شاس الذي يرفض التفاوض حول القدس. ويرفض الانسحاب من المستوطنات، ناهيك عن رفضه حق العودة للاجئين الفلسطينيين.‏

بالمقابل، وكي يقطع نتنياهو الطريق على أي محاولات أميركية للضغط عليه من أجل التفاوض مع الفلسطينيين، فإنه يؤكد على الدوام أن الأولوية في حكومته ستكون لمواجهة خطرين عملاقين هما بحسب تعبيره الأمن والاقتصاد، وهو يعني بالأمن ما يعتبره، خطراً وجودياً على إسرائيل متأتياً من استمرار ايران في برنامجها النووي، بل إنه يأخذ على المجتمع الدولي عدم فعل ما يكفي من أجل إجبار إيران على وقف تخصيب اليورانيوم.‏

أما الموضوع الاقتصادي فيعني به معالجة الأضرار التي لحقت بـ « إسرائيل» من جراء الأزمة المالية العالمية، مثل الدخول في حال الركود وتراجع النمو.‏

وهكذا يتبين من خلال توصيف نتنياهو لأولويات حكومته أن لا مكان للبحث جدياً في عملية التسوية لا مع الفلسطينيين ولامع سورية، إذ إن هذه الحكومة مكرسة لمواجهة ما يسميه التحدي الإيراني ومعالجة الأزمة الاقتصادية، أما موضوع السلام، فهو مرحب به إذا أتى متطابقاً مع الشروط الإسرائيلية، أي الحكم الذاتي الذي لايعطي الفلسطينيين حق السيادة الوطنية في دولتهم المستقلة.‏

وبما أن حدود الضغط الأميركي على نتنياهو لن تتجاوز وفق ما يرى هو نفسه أي ضغوط سابقة تعرضت لها إسرائيل أو إنه استبعد تماماً أن يتعرض لأيّ ضغوط في المطلق، فإن هذا يعني عملياً تجميد التسوية إلى أجل غير مسمى، إذا لم نشهد فصلاً من الضغوط الأميركية على الفلسطينيين كي يقبلوا بما يعرضه عليهم نتنياهو. وليس مستغرباً هذا الأمر في ظل تردد العرب عن اتخاذ قرار واضح بسحب مبادرة السلام والكف عن استجداء التسوية من الولايات المتحدة أو من أوروبا.‏

وإذا كان أقصى ما يمكن العرب أن يطرحوه في مواجهة نتنياهو، أي التلويح بأن مبادرة السلام لن تبقى طويلا على الطاولة فإن هذا لن يخيفه ولن يجبر أميركا على ممارسة الضغوط عليه، فإذا كانت حربان خلال عامين لم تقنعا العرب أن لاجدوى من التمسك بهذه المبادرة، فماذا يمكن أن يحدث أفظع من هذا كي يسحبوا هذه المبادرة ويفكروا بموقف أكثر حزماً في مواجهة إسرائيل؟!‏

كما أن المرحلة المقبلة تلقي تبعات جسيمة على الفلسطينيين أنفسهم الذين عليهم أن يوحدوا صفوفهم لمواجهة خطر تصفية قضيتهم من خلال تمكن إسرائيل من إلهائهم بمفاوضات لاجدوى منها ومن خلال الخلافات الداخلية. لذلك فإن المطلوب انجاح الحوار الفلسطيني مهما قدمت الفصائل الفلسطينية من تنازلات لبعضها البعض لأنها ستكون مجبرة غداً على التنازل لإسرائيل إذا ما استمرت الخلافات الداخلية.‏

وبكلام آخر لم يكن الموقف العربي حتى اللحظة موازياً لأهمية الأخطار التي تتربص بالمنطقة في ظل نتنياهو، ولا يمكن الركون إلى خطاب أميركي ينحو نحو التهدئة والتصالح مع العالم لأن إسرائيل يمكنها في أي لحظة أن تقدم على فعل متهور يخلط الأوراق في المنطقة من أجل تحقيق أهدافها.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية