صفعة قوية كانت وجهتها النجمة الفرنسية إيزابيل أدجاني لعراقة التقاليد المسرحية الفرنسية عندما فرضت مزاجيتها الصعبة على فريق عمل مسرحية «كينشيب» في أحد المسارح الباريسية.
أدجاني تسببت بتغيير مخرج العرض بعد أن اكتشفت أنه لا يتناسب وذوقها الفني لتجعل من صديقتها مصممة العرض دومينيك بورغ المخرجة.. كما تسببت بتغيير الممثلة التي تشاركها البطولة لتأتي بأخرى غير معروفة.
قائمة من الأفعال التي صدرت عن الممثلة الفرنسية ذات الأصل الجزائري.. جعلت من إدارة المسرح تغير موعد الافتتاح.. إذ لم تكتفِ بتلك التدخلات السافرة إنما ألحقتها بتنصيب نفسها مديرة فنية وعيّنت ابنها مصمماً للديكور.. ووضعت أحد المقربين لديها مسؤولاً للعلاقات العامة للمسرحية.
هوس البعض بحجم نجوميته يدفعه للإقدام على أفعال يحسبها من حقه.. بينما هي غطرسة جوفاء لا مبرر لها لطالما لم تحترم شروط العمل المهنية والفنية.. لكن لمَ كل هذا البروباغندا حول هذا التصرف من إحدى أفضل الممثلات الفرنسيات.. هل كان الأمر نفسه فيما لو تمّ من أحد مشاهير الفن.. ؟
في أحد مشاهد فيلم (الشيطان يرتدي براداThe devil wears prada - ) الذي يتحدث عن سيطرة إحدى أهم المشتغلات في دنيا الأزياء «ميرندا- ميريل ستريب».. المعروفة بلؤمها وصلابتها في إدارة عملها.. تقول الفتاة التي تصبح مساعدتها الأولى، تؤدي الدور «آن هاثاوي»: «لو أن تصرفات ميرندا صدرت عن رجل لما رأى أي منكم فيها إلا تصرفات تنم عن حسن إدارته ونجاحه»..
هي إذاً الازدواجية في إطلاق الأحكام المختلفة وربما المتناقضة حين تّعلن على ذات الأمر ونفس التصرف لكن يبقى الفارق عمّن يصدر هذا الأمر وذاك التصرّف.. عن أنثى أم رجل.. ؟
لدينا ولأننا بلاد العالم ما بعد «الأول والثاني».. لم تترسخ تقاليد فنية مهنية عريقة في المجال المسرحي.. لهذا يتم تمرير هذا النوع من الازدواجية في التعاطي مع كلا الحضورين «الأنثوي والذكوري».. عبر الميديا الفضائية..
كيف تسوّق صورة نجمات العالم العربي من خلال شاشات التلفزة العربية.. ؟
هل رأيتم صراخاً.. جنوناً.. استفزازاً.. ودموعاً مثل تلك التي تصدر عن نجمات فضاءاتنا.. ؟
مي الحريري ترمي مقدم برنامج «فك الشيفرة» بفنجان القهوة.. ولن تكتفي فلة الجزائرية بالقليل من الردح في «المتهم».. المربوط إلى (وصلة) ثقة زائدة غير مبررة من نادين الراسي في البرنامج عينه..
ومَن لم يلحظ كم العنجهية اللامفهومة من قبل أحلام في برنامج (Arab Idol).. ؟
لسان حال هذه الرزمة من «المستنجمات».. يكاد ينطق بأفظع مما جاءت به «أدجاني».
صحيح أن جميعهن تصرفن بقوة دافعة تمليها سطوة شهرتهن.. إلا أن نموذج النجمة الغربية «أدجاني» يأتي على سبيل كونها (فاعلاً).. بينما تبقى النماذج العربية (مفعولاً به) من قبل سياسة قنوات تسعى لجعلهن أداة لصيد الإثارة وتحصيل القدرة على جذب المتلقي حتى لو بدت تلك «المستنجمات» بأرخص الهيئات.
لسن بالقدوة، كما يتوهمن، ولسن بالفاعلات إلا بحدود مستويات سطحية.. لا علاقة لها بعمق الهم الفني والموهبة الحقة اللذين من المفترض أن تمثلهما كل منهن..
من المسؤول عن ضياع رصانة الحضور.. الحضور الأنثوي تحديداً.. ولماذا يبدو أقرب إلى الخفة.. والميوعة.. بدلاً من فرض شروط تليق بمستوى فني حقيقي.. خمس أو عشر نجوم.. وربما أكثر..
lamisali25@yahoo.com