يرى الصينيون أن الحملة العسكرية الأميركية في العراق ما هي الاوسيلة تتخذها أميركا لممارسة الضغط على آسيا وأوروبا للابقاء على تبعيتهما في مجال الطاقة وبشكل أكثر شمولي, إنما يعني ذلك فصلا من فصول الحرب الاقتصادية التي تدور حول السيطرة على الموارد الطبيعية, كل مجابهة استراتيجية على نطاق واسع تستند أولا على الموارد التي يسيطر عليها مختلف الأطراف لأن تلك الموارد في طريقها إلى النفاد على أرضنا, أزمة لم نكن تتوقعها, ولاسيما أن استغلال هذه الموارد على حساب حاجات شعوب العالم تتم بسرعة هائلة وباستمرار.
لنأخذ مثلا واحدا: لتأمين 40% من الإنتاج العالمي, تستهلك الصين 40% من الموارد العالمية, وبفضل هذا الارتقاء القوي المتميز استطاعت أن تصل ب 10% تقريبا من شعبها إلى مستوى معيشة مشابه لذلك المتوفر في البلدان الغربية, وتكمن المشكلة أنه في حال أرادت رفع مستوى معيشة ال 90% الباقية من شعبها إلى ذات المستوى, فيجب عليها عمليا استهلاك إجمالي الموارد العالمية خلال العقدين القادمين!
كذلك ازداد الطلب الصيني على الصلب منذ عامين في الوقت الذي يحضر فيه لمعارك أخرى على جبهات النفط والمياه والحبوب.. إضافة إلى أن وراء ال 1.3 مليار صيني تظهر المشكلة ذاتها أمام 1.1 مليار هندي و1.1 مليار مسلم و 650 مليون إفريقي و 450 مليون نسمة من أميركا اللاتينية.. إن الاستغلال المتناهي والسريع للموارد الطبيعية الذي يتطلبه النمو العالمي سوف لا يتيح للبلدان النامية مستوى معيشة شبيها بالبلدان الغربية.
هذه الحرب الاقتصادية التي تتضخم ستزيد ليس عدم المساواة فحسب بتشجيع الأقوياء- إنه منطق هذا النوع من النزاع لكنها تسرع على وجه الخصوص الاستغلال ونفاد الموارد الطبيعية قبل إيجاد حلول علمية وتكنولوجية بديلة. إننا نقدم على الانتحار ضميريا, بمضاعفة الانتاجية والتنافسية في سباق الأنانية الوطنية, لنعد إلى مثال الصين, التي تطالبها البلدان الغربية بإبطاء نموها وصادراتها ولاسيما في مجال النسيج حيث كانت الاتفاقات في متناول النظر وفي اليوم التالي لرفض فرنسا للاستفتاء على الدستور الأوروبي , كان الصينيون يعلنون أنهم يعيدون النظر في القيود المفروضة على صادراتهم النسيجية.
عوضا عن ذلك: كان ثمة صخب بوسائل الإعلام , بعد تلك الخسارة لماء الوجه, لن يكون للاحتجاجات الرسمية للمفاوضين الأوروبيين في منظمة التجارة العالمية أثر كبير على الصينيين الذين سبق أن ضاعفوا هجومهم التجاري بانتقالهم من النسيج إلى الأحذية. فكل حلقة من هذه الحرب الاقتصادية تسرع وتيرة نفاد الموارد الطبيعية وستكون النتيجة النهائية خسارة للجميع, إضافة إلى التأثيرات الحالية والمستقبلية للتلوث والاستهلاك مطلق العنان للموارد: إنه النظام البيئي للأرض الذي ندمره الآن. في هذا الإطار الدولي الجديد المتعدد الثقافات, ينبغي لتلك المعرفة التي نمتلكها عن الحضارات أن يتيح لنا فهما أفضل وأن نحلل وأحيانا أن نستبق سلوك القوى.
وكذلك القدرة على التفاوض وربما حتى على التعاون بشكل أفضل?
تعاون دولي ومتعدد الثقافات سيمكننا لامحالة من إبعاد جزء من الأضرار جراء هذا الشكل المستحدث من الحرب الاقتصاد التي ستتلاعب بحصيلة لاقيمة لها, نقول زيادة في التعاون, ليس لأننا سنصبح أكثر ذكاء أو أكثر تسامحا, دعونا لانحلم لكن الأكثر احتمالا هو أننا سنكون ناضجين كفاية من خلال بديل ملموس جدا, إلزامي وعالمي العيش معا أو الموت معا.
* بقلم برنارد نادوليك