ألم تعبر(النيويورك تايمز)عن هذا بقولها (أكد الناخبون الأمريكيون يوم السابع من تشرين الثاني 2006 عن رغبتهم بإجراء تغييرات على المستويات السياسية كافة بدءاً بالعراق)?
ولا يخلو هذا الجدل من تلاسن بين أطراف الحزب الجمهوري ويمثله في الإدارة الأميركية البيت الأبيض وحاكمه وبين الديمقراطيين الذين أصبحت لهم الكلمة الفصل في الكونغرس الجديد هذا رغم تشاؤم ينضح في تصريحات المراقبين الذين تتنازعهم الشكوك حول إمكانية قيام أي توافق بين الحزبين الأمريكيين في المستقبل بالنسبة لقضايا عدة وتأتي في مقدمتها حرب العراق وتستعد قيادتا الحزبين لعقد أول لقاء بينهما في الكونغرس مطلع العام القادم حيث سيتم النقاش والتباحث حول التوجهات الجديدة لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط انطلاقاً من العراق.
وقد تسربت إلى وسائل الإعلام الغربية معلومات تتعلق بورقة عمل تتدارسها اللجنة البرلمانية الأميركية الخاصة بتقييم الوضع في العراق ويرأسها وزير الخارجية السابق (جيمس بيكر) وستقدم مقترحاتها تلك للكونغرس قبل مباشرة المباحثات الأميركية مع كل من سورية وايران وذلك طبقاً لما ينسجم بشكل أو بآخر مع مسيرة انسحاب القوات الأميركية من العراق على مراحل نزولاً عند رغبة غالبية الأصوات المشاركة في الانتخابات التشريعية الأخيرة.
وقد عبرت عن تلك التوجهات المقبلة تصريحات سيناتور ولاية ميتشيغان الديمقراطي (كارل ليفين) الذي سيتسلم مهام منصبه الجديد كرئيس للجنة القوات المسلحة الأميركية في المجلس النيابي للكونغرس في كانون الثاني ,2007 وقد اعترف السيناتور ليفين بوجود جدول زمني مؤقت يحدد الخروج من العراق تتراوح مدته بين أربعة أشهر وستة أشهر يتم خلالها تحقيق انتشار جديد للقوات الأميركية المرابطة في منطقتي أسيا الصغرى والوسطى معاً.
ولأنه من أبرز المحللين السياسيين الأجانب الذين يتابعون باستمرار كل ما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط تناول باتريك سيل كيفية استحضار الشارع والرئاسة الأميركية للتجربة الفيتنامية وقارنها مع الوضع الراهن للمقاومة في العراق وليلتقي(سيل) في هذا المقال مع طروح (ليفين) القائلة إن الحل في العراق لن يكون إلا سياسياً مع تذكيره الرأي العام الغربي بالخسائر التي منيت بها القوات العسكرية الأميركية في العراق منذ احتلالها هذا البلد العربي في آذار .2003
يقول باتريك سيل في الغارديان ما يلي:
لم يعد خيار كل من الولايات المتحدة وبريطانيا بالنسبة للعراق يتناول البقاء في المنطقة أو مغادرتها بقدر ما أصبح رهن انسحاب قواتهما بشكل مشرف أو مهين منها في ظل المواجهات المسلحة وتبادل إطلاق النار بين المقاومة العراقية وأطراف التحالف الأنغلو أميركي على غرار ما حدث خلال فيتنام قبل ثلاثين سنة من الآن.
فقد أصبحت مجموعة من صناع القرار السياسي في كل من واشنطن ولندن مستعدة اليوم لقبول هذه النتيجة المجهولة الأبعاد إلا أن شكلاً من أشكال النصر الذي تم احرازه في العراق حسبما يزعم عدد من المسؤولين الأميركيين جاء بمثابة انقاذ لماء وجه قوات التحالف هذا ورغم أن الحقائق على أرض الواقع تشير إلى خلاف ذلك فالغزو الأنغلو أميركي للعراق أدى إلى مقتل 3000 عنصر في صفوف القوات الأميركية وكلف دافعي الضرائب الأميركيين ما يقرب من 400 بليون دولار أميركي.
هذا في حين جاءت نتائج الغزو في صفوف المدنيين العراقيين مرعبة ومخيفة إلى حد يمكن وصفها بالإبادة الجماعية للشعب العراقي وفشل الرئيس بوش الابن في مساعيه لدحض ما توصلت إليه دراسة اجراها مركز (جونز هو بكنز) وتقدر عدد العراقيين الذين راحوا ضحية الحرب والاحتلال الأميركي للعراق بحوالى 655,000 عراقي وتعتبر تلك الأرقام اتهامات تدين سياسات بوش الابن في هذا البلد العربي.
كذلك الأمر بالنسبة للخسائر المادية والمعنوية التي لحقت بالعراق وتجاوزت التوقعات كافة وندرك فداحة تلك الخسائر عندما نعلم أن الملايين من العراقيين هربوا من القصف والإبادة إلى الدول المجاورة لبلدهم جلهم ينتمي للطبقة الوسطى.
أما أعداد الذين قاموا بتغيير مكان سكناهم فشارف على المليون نسمة هذا بالإضافة إلى ما أصاب البنية التحتية من دمار هائل إلى جانب خسارة ا لمواطن العراقي لعائدات نفط بلاده والانقسامات التي ضربت الشعب العراقي.