وفي سورية ذات السوق الذي تجاوز عشرين مليون نسمة وحيث التوجه الرسمي والخاص للمضي قدما في إحداث وتطوير عمل المصارف الخاصة حجزت المصرفية الإسلامية مقعدا لها في الصف الأول تعبيرا عن حضورها في السوق المالية السورية بقوة وكبديل متاح لأولئك الذين لا يفضلون التعامل مع البنوك التقليدية.
وقد كان لافتا أن يحمل بنك إسلامي الرقم (1) كأول بنك وشركة مساهمة يتم إدراجها وفق قوانين وانظمة هيئة الأوراق والأسواق المالية ولعلها رسالة قوية من الهيئة للانفتاح على تجربة العمل المصرفي الإسلامي ويقول الدكتور فيصل الخطيب أحد مؤسسي البنك إن المؤسسين اكتتبوا على 75% من رأسمال البنك والبالغ خمسة مليارات ل.س, في حين طرحت 25% المتبقية للاكتتاب العام ورغم أن الفترة المحددة للاكتتاب العام لم تنته بعد إلا أن اقبالا كبيرا تشهده عمليات الاكتتاب ومن المتوقع أن يحصل البنك على تغطية أكبر من الجزء المطروح للاكتتاب من الرأسمال..
واعتبر الخطيب أن سبب الاهتمام بالبنوك الإسلامية راجع في المقام الأول إلى ضخامة السوق السورية والشريحة المستهدفة من المكتتبين والمودعين حيث كانت السوق السورية ولعقود طويلة تفتقر للمصرفية الإسلامية فضلا عن تطور أداء هذه المصرفية وتنوع منتجاتها الأمر الذي جعلها محل ثقة ومصداقية المودع والمستثمر على حد سواء.
ويرى محمد السويطي الخبير في تحليل الأسهم أن ثمة أسباباً عديدة تدفع المصارف الاسلامية للتوجه الجاد نحو القطاع المصرفي السوري ولعل أهمها التسهيلات الممنوحة من جانب الحكومة السورية في هذا المجال وخصوصا استثمار موجودات هذه البنوك في قطاعات مختلفة اذ سمح المرسوم 35 القاضي بإحداث البنوك الاسلامية لهذه البنوك بالاضافة لممارسة الأعمال المصرفية العادية الاستثمار في المجالات الصناعية والتجارية والسياحية والزراعية وغيرها شرط أن تراعي هذه البنوك قواعد وأحكام الشريعة الإسلامية في حين لا يسمح للبنوك التقليدية بهذا النوع من الاستثمارات وهذا طبيعي ذلك أن هذه البنوك لاتتقاضى فوائد مالية لقاء الأموال المودعة لديها.
ويضيف السويطي أن المنافسة الشديدة بين المصارف الإسلامية في الدول العربية والإسلامية تجعلها تبحث عن فرص استثمارية خارج الحدود والمجتمعات التي أسست فيها ومن الطبيعي والمنطقي جدا أن تتجه بوصلة رأسمال هذه المصارف نحو المناخ الاستثماري المناسب والتسهيلات الجاذبة له وهذا ما أعتقد أنه أصبح محل إغراء وجذب في السوق السورية سواء في قطاع المصارف أم في غيرها..
ويرجع السويطي سبب إقبال المكتتبين والمودعين على هذا النوع من المصارف بشكل ملحوظ وكثيف إلى شهرة وموثوقية الجهات والأشخاص المؤسسين محليا وعربيا وخصوصا أن هذه الجهات تملك تجارب ناجحة في العديد من الدول العربية والاسلامية وحتى في بعض الدول الغربية وقد اشبعت هذه التجارب واكتسبت رصيدا تراكميا من الخبرة والمرونة في الأداء لعقود.
إلى ذلك فإن الحكم على تجربة البنوك الإسلامية مازال مبكرا بالنظر إلى حداثة هذه التجربة في سورية وعدم وضوح الرؤية بالنسبة للمستثمرين في وقت مازالت فيه المصرفية تتهيأ لدخول سوق المال السورية إلى جانب المنافسة الشديدة التي من المتوقع أن تحكم آلية عمل هذه السوق وخصوصا من جهة تنويع المنتجات وقنوات الاستثمار والشفافية التي يجب أن تتعامل بها هذه المصارف مع زبائنها.