فمن الواضح بانه كان يؤيد تشكيل قوة كردية جديدة والتي تبسط سيطرتها على عشرات الألاف من الكيلومترات المربعة في الأراضي السورية. وستوكل مهمة حراسة نقاط التفتيش جنوبا على طول وادي نهر الفرات إلى العرب الذين سينضمون إلى ما يسمى بـ»قوى الأمن الحدودية».
إذ أعلن الكولونيل قائلا «لقد جرى تجنيد 30,000 شخصا لتأسيس قوة بحيث يخدم الأكراد في مناطق الأكراد،
ويخدم العرب في المناطق غير الكردية» وبتقديرنا أن ذلك سيفضي إلى إشعال حرب في المنطقة على طول الحدود التركية.
ويبدو بأننا سنشهد تقاربا غير مسبوق بين سورية (التي تبذل كافة الجهود لاستعادة كل شبر من أراضيها التي تعرضت لهجوم داعش والقاعدة والتنظيمات الأخرى المدعومة من قبل القوى الغربية والأميركية على مدى السبع سنوات الماضية) وتركيا التي بذلت المساعي لزعزعة الاستقرار في هذا البلد. إذ توعد الرئيس أردوغان بسحق هذا «الجيش الإرهابي» المدعوم أميركيا، باعتباره قوة كردية تعمل تحت إمرة حزب العمال الكردستاني «الإرهابي». وقد اعتبرت الحكومة السورية تأسيس هذه الميليشيا اعتداءً صارخاً على سيادة سورية. بينما حذرت روسيا من تقسيم البلاد.
ومن سوء حظ الكولونيل فييل، فتركيا على صواب في اعتقادها بسيطرة حزب العمال الكردستاني على المقاتلين الأكراد المحليين. كما أن الحكومة السورية محقة أيضا في النظر إلى تشكيل ما يسمى «قوات الأمن الحدودية» باعتبارها هجوما على سيادة سورية.
الجيش السوري لن يترك الرقة
قبل ثلاث سنوات، أمضيت أسبوعا في الحديث مع القوات السورية المرابطة على الحدود التركية في القامشلي والقوات الكردية في الشرق. وقد عبر الأكراد عن رغبتهم بإقامة جيب «فيدرالي» في الشمال. بينما أبدى الجيش السوري إصرارا وعزيمة على عدم التنازل عن أي شبر من الأراضي السورية لقوات سورية الديمقراطية «قسد». ومن ثم شهدنا الولايات المتحدة تصدر قرارا بالتدخل بذريعة محاربة داعش في الموصل العراقية، والرقة السورية.
وبذلك تمكنت واشنطن من تأسيس ميليشيا تناصب العداء للحكومة السورية وقد حظيت بدعم القوى الجوية الأميركية. وفي غضون ساعات أطلق عليها اسم «قوات سورية الديمقراطية» وأشير إليها بـ»قسد» اختصارا لاسم تلك الميليشيا والتي تسعى إلى السيطرة على مساحات شاسعة في شرق سورية.
لكن الجيش السوري يبعد 12 ميلا على الجانب الآخر من الرقة، وأنشأ مركز تنسيق في قرية على مقربة من نهر الفرات. إذ أبدت السلطات السورية إصرارها على استعادة الرقة وتستعد لإعادة الكهرباء من الشبكة السورية، ومنح المعاشات التقاعدية للمسنين، وإصلاح مرافق الصرف الصحي وغيرها من أمور. بمعنى أن سورية ستحافظ على سيادتها في الرقة.
فسورية لن تتساهل بالوجود الكردي على أراضيها كما أن تركيا لن تتسامح بإنشاء جيب كردي على حدودها الجنوبية مهما كان علمانيا وليبراليا.
ولا ريب بأن لدى كل من سورية وتركيا وروسيا مصالح مشتركة في مناقشة الكيفية التي سيتم بها تحطيم الطموحات السياسية الأميركية في سورية.