ثمانينات القرن الماضي هب تيار العولمة عله يقتلع الجذور، فنجحوا ولم ينجحوا لكنهم وضعوا الاساس لإعادة المحاولة لتدمير القيم والاسرة والروابط لنصبح نسخة مشوهة عن الغرب.
عادوا مرات اخرى هنا وهناك وارسلوا خيوطا وبدؤوا بالنفاذ الى العمق، حيث الشباب المثقف، الطاقة التي تحمل بيدها التطور والتغيير، وبدل ان تكون هذه الطاقة موجهة لتطوير اوطانها صنعوا منها اداة يبثون من خلالها السموم لهذا الجسد العربي الذي بات امبراطورا عاريا.
ونظرا لأهمية السينما كأداة ثقافية عظمى لخلق اتجاهات وتكريس مبادئ وطن ارادوا العبث بها، فاستغلوا رغبة الشباب بإنتاج سينمائي ينقصه الدعم المالي ففتحوا صناديقهم للمبادرات «الخيرية» وفي حسابات الشباب السينمائي انهم تخلصوا من سطوة رأس المال النابع من الدولة او القطاع الخاص، حيث اننا وفجأة نسمع بالجوائز التي أغدقت على افلام قصيرة «تحاكي الواقع» وتظهر رغبة المواطن «بالتخلص من سطوة الدولة والتفرد بالقرار» لأن هؤلاء هم من صنعوا «ثورات الخريف العربي»...
في افلامهم (تتحرر المرأة على هواهم، ويصبح الجنس وايحاءاته امرا جماهيريا مشروعا، يصبحون قزما مشوها عن عالم ليس عالمهم وليس عالمنا).
رأيناهم يكرمون بالجوائز العالمية وعلى الشاشة الفضية وعلى القنوات الغربية المعربة برنامج للسينما البديلة بشكل اسبوعي ويعاد، لكن أين يعرضون؟ كيف ينتجون؟ من الجمهور الذي يتذوق هذه الافلام؟ونسبة المشاهدة؟ الى اين تسير هذه السينما؟ استراتيجية الدعم المالي الذي يروج لهم، لماذا؟
كثيرون يسخرون من نظرية المؤامرة ونرجو ان يفيدونا بأنها غير ذلك.
لماذا تحول الوطن الى اجزاء؟ ولماذا صار الناس شتاتا هنا وشتاتا هناك؟ لماذا استبدلت الاوطان بأوطان بديلة كما تستبدل اليوم بسينما بديلة! مادامت السينما حية.
من المؤكد ان السينما اصيبت كمااصيب غيرها بالترهل والاستثناءات التي ابعدت جيل الشباب السينمائي عن هذا المنبر الوطني الذي يعرض ويوغل في قضايا جماهيرية، لكن هذا لايعني ان لاتعود دفة السينما لتقود الشباب الموهوب وخريجي معاهد الوطن بالاتجاه الصحيح وتعرف ان الدعم المعطى من الوطن يختلف جذريا عما يعطى من خارجه خاصة عندما نعلم ان معظمه ان لم يكن كله دعما ماليا من دول النفط العربي.
لماذا؟ لم يعد الامر خافيا على احد لكن الامر بحاجة ورغبة للجهات السينمائية التحرك سريعا لاستقطاب الشباب الموهوب وليس القيام بعملية التحدي.