تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مقاربة الوهم..

نافذة على حدث
السبت 2-3-2013
فؤاد الوادي

الإشكالية الحقيقية التي تواجه مختلف الأطراف المشاركة في الحرب على سورية سواء الفاعلة منها أو تلك التي لا يتجاوز دورها في أحسن الأحوال دور التابع أوالعبد الذي يؤمر فينفذ ،

تكمن في أن مواقف تلك الأطراف كانت ولا تزال تبنى على مقاربات غير واقعية جلها من الوهم ، الأمر الذي لايزال ينتج حتى اللحظة مفاهيم مغلوطة و منطقا يخلو من أي منطق لم يستطع حتى اللحظة أن يقدم قراءة صحيحة وموضوعية للأزمة السورية بكل ابعادها وارتداداتها المحلية والاقليمية والدولية .‏

.. ولعل مسارعة البعض للغوص في مستنقع الوهم منذ البداية بعد أن خيل لـ ( أبرهة الأميركي) أن أسوار دمشق ستتحطم رهبة من صواريخ الباتريوت وطائرات الشبح وستتهاوى أمام شعارات الحرية والديمقراطية الزائفة التي تستورد من الغرب و تهرب عبر الحدود مع أسلحة الموت الى الداخل السوري، هو ما يغرقهم اليوم في ذلك المستنقع حتى أولئك الذين يجيدون منهم الغوص في المستنقعات القذرة و اصطياد الفرص المتآكلة والمؤامرات المتهالكة باتوا يتخبطون في مواقفهم بعد أن غمرتهم هزائمهم وخيباتهم الى مافوق رؤوسهم حتى خياراتهم التي أغرقها الشعب السوري بدماء أبنائه باتت أيضا تصارع حتفها المحتوم بعد أن استنزفتها حماقتهم في مقارعة المستحيل التي وضعتهم مقارباتهم الخاطئة المبنية على الوهم و الجهل المتعمد أحيانا لحقيقة سورية الإنسان والهوية والتاريخ والوطن .. وضعتهم أمامه وجهاً لوجه في معركة معروفة النتائج مسبقا.‏

غير أن المفارقة في ذلك كله أن البعض منهم يدرك أن مواقفه الخاطئة اليوم و في السابق وحتى في المستقبل المنظور لم تكن إلا نتيجة لمقاربة غير موضوعية لا تزال تستند في قراءتها ومحاكاتها لمجريات وسير الأحداث في الميدان على تجاهل الحقائق والمعطيات الموجودة على الأرض بكل رمزيتها وقدسيتها ، وهذا الأمر ربما يجلي شيئا من الضبابية التي غشيت البعض حيال الموقف الأميركي الملتبس لجهة التباين في التصريحات والمواقف الأميركية التي تصل أحيانا الى درجة التناقض الصارخ ، ذلك أن الولايات المتحدة وهي صاحبة التاريخ الحافل بالمعارك والمواجهات والاشتباكات السياسية والدبلوماسية الخاسرة مع سورية تعلم وتدرك جيدا أن مقاربتها للأزمة السورية مبنية على الوهم ، لكنها تصر في ذات الوقت على محاباة حلفائها ووكلائها لا حبا فيهم أو إخلاصا لهم كما يتوهمون، بل لأنها دخلت في مرحلة جديدة من الصراع الدولي تفرض عليها تغيير قواعد اللعبة والاشتباك الاستراتيجي بما يخدم مصالحها الوطنية والدولية ، وهو الامر الذي دفعها للانتقال من موقع التدخل المباشر والعلني في حروبها الخارجية وتحديدا حربها ضد سورية الى موقع إدارة أمر العمليات والتحكم بمجريات وسير المعارك والاحداث عن بعد احيانا وخلف الكواليس أحايين أخرى ، وهذه السياسة هي احدى استراتيجيات الولايات المتحدة الأميركية للمرحلة المقبلة مع ملاحظة مايترتب على هذا التحول الاستراتيجي الذي قد يدفع بالاخيرة عندما تحين اللحظة المناسبة الى استبدال منظومة حلفائها و وكلائها في المنطقة والعالم وتحديث جميع أدواتها بما يتناسب مع ضرورات المرحلة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية