وذلك لأن تراث الشعوب الصوتي والمرئي الشامل والنادر، في كل المجالات،أصبح مع وجود خطوط adsl في متناول جميع الناس، من كل الشرائح والمستويات والأعمار، فمن خلال هذا الخط المنزلي أو المكتبي يضع المشترك يده وبخدمة شبه مجانية، وعلى مدى 24 ساعة، على كل كنوز التراث الإنساني من التسجيلات الصوتية والمرئية المعروفة والنادرة.
هكذا يفقد الأرشيف التقليدي الموسيقي والسينمائي وسواهما، يوما بعد آخر، الكثير من قيمته، بعد ان تحول التراث الإنساني برمته، إلى أرشيف رقمي محفوظ في ذاكرة مواقع «اليوتيوب» الدولية، وإذا اراد أحد المشتركين سماع الأغاني النادرة لمحمد عبد الوهاب أو فريد الأطرش أو سواهما، فما عليه إلا ان يتأمل نتائج البحث، ويختار ما طاب له من تسجيلات مرئية وصوتية، فهواة الموسيقا والغناء الراقي والأصيل، يجدون اليوم على «اليوتيوب» بلحظات، ما كانوا يبحثون عنه على مدى سنوات عمرهم، وبذات الوقت يصابون بخيبة كبيرة ويكتشفون، ان أرشيفهم الذي هو ثمرة عمر من البحث والتنقيب والتصنيف والحفظ، قد فقد وهجه وقيمته في هذا العصر، بعد ان أصبح الأرشيف الحضاري برمته، في متناول كل الناس، وبطريقة اسهل من الطرق التقليدية بآلاف المرات.
لاشك تبقى للأرشفة التقليدية نكهة خاصة، وأكثر شيء يشدني، هو الصوت المنبعث من اسطوانة قديمة عبر جهاز الفوتوغراف، لكنني وأنا أدخل العصر الرقمي المتسارع أتساءل مثل غيري: عن جدوى الأرشفة والبحث والتنقيب، طالما أنني استطيع الحصول بسرعة الشهاب، على أي تسجيل معروف أو نادر بالصوت أو بالصوت والصورة من بحر أرشيف «اليوتيوب».
facebook.com/adib.makhzoum