وذلك بعد ثلاث سنوات ونصف من التعثر والفوضى السياسية غير المسبوقة التي شهدتها البلاد, ما سيفتح صفحة جديدة في العلاقات الصعبة بين لندن وبروكسل في ظل الخلافات القائمة, وتحذير الاتحاد بأنه سيبقى حازما بشأن مبادئه بعدما حدد الخطوط الحمر وأهدافه في المفاوضات الطويلة المقبلة التي ستحدد شكل العلاقة في مرحلة ما بعد البريكست.
حيث صوت البرلمان البريطاني أمس على الاتفاق الذي أبرمه رئيس الحكومة بوريس جونسون بشأن بريكست مع دول الاتحاد الـ 27، وكما كان متوقعا, بعد فوز جونسون بأغلبية ساحقة في البرلمان في الانتخابات التشريعية في كانون الأول الماضي, حيث تم تمرير نص الاتفاق بكل سهولة في المجلس ونال موافقة النواب، وسيحال الاتفاق لتصديق مجلس اللوردات، ثم تصدره الملكة في إجراءات شبه شكلية.
ويبقى أن يصادق عليه البرلمان الأوروبي لتصبح المملكة المتحدة في 31 كانون الثاني عند الساعة 23,00 بتوقيت لندن, أول دولة عضو تغادر الاتحاد الاوروبي.
وسيطوي ذلك التاريخ صفحة من الفوضى السياسية شهدتها بريطانيا منذ استفتاء حزيران 2016 الذي حصل فيه مؤيدو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على 52 بالمئة من الأصوات.
وينظم اتفاق «بريكست» الذي تم التفاوض بشأنه مع بروكسل, الخطوط العريضة للطلاق خصوصا من خلال ضمان حقوق المواطنين وتسوية معضلة الحدود داخل أيرلندا, ويهدف تحديدا إلى ضمان المرور بسلاسة إلى علاقة مستقبلية بين الطرفين لا زال يتعين تحديدها.
وتبدأ في 31 كانون الثاني فترة انتقالية تستمر حتى نهاية 2020 بغرض تمكين بروكسل ولندن من الاستعداد لعلاقة المستقبل, وسيستمر البريطانيون خلالها في تطبيق القواعد الأوروبية والإفادة دون مشاركة من المؤسسات الأوروبية ودون الحق في القرار داخلها.
وبعد تأجيل ثلاث مرات لبريكست الذي كان مقررا في الأساس في آذار 2019، تبدو الفترة حتى نهاية 2020 قصيرة جدا للتفاوض في اتفاقات تبادل حر أو اتفاقات أمنية التي تحتاج عادة سنوات لتكون نافذة.
ويرفض جونسون أي تمديد للفترة الانتقالية لما بعد 2020، وهي إمكانية واردة في نص الاتفاق, وكرر ذلك لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لين التي استقبلها في لندن أول أمس, داعيا إلى بدء التفاوض بأسرع ما يمكن.
لكن إزاء ضغط الجدول الزمني، ألمحت رئاسة الحكومة البريطانية إلى إمكانية الاكتفاء باتفاق جزئي إذا تعذر التوصل إلى اتفاق شامل بحلول نهاية 2020.
ونبهت رئيسة المفوضية إلى أن المباحثات ستكون «صعبة», وأنه سيكون من المستحيل الاتفاق على الصعد كافة دون تمديد فترة المباحثات, وقالت: علينا اختيار الأولويات.
وحذرت من أن الاتحاد الأوروبي سيبقى حازما بشأن مبادئه دون منافسة منصفة في مجالات البيئة والعمل والضرائب ومساعدات الدولة، لا يمكن الحصول على دخول رفيع المستوى لأكبر سوق مشتركة في العالم.
وبدأ الاتحاد الاوروبي أول أمس أعمالا لتحديد الخطوط الحمر وأهدافه في المفاوضات. وستوجه هذه المباحثات المفوضية المكلفة لتقدم للدول الأعضاء ولاية التفاوض التي تتيح لها التفاوض باسم الدول, ويمكن أن يتم اعتماد هذا التكليف مع نهاية شباط المقبل.
وقال رئيس الحكومة الكرواتية أندري بلينكوفيتش الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، إنه على الطرفين أن يكونا واقعيين. وأضاف في تصريحات في زغرب: هذا يعني عدم وضع الكثير من الملفات التي لا يمكن حلها على الطاولة. مشيرا إلى ملفي التجارة والصيد البحري باعتبارهما ملفين أولويين.