رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي اعتبرت خلال مؤتمر صحفي أمس أن إدارة ترامب، لم تجعل البلاد أكثر أمنا بارتكابه جريمة الاغتيال بحق سليماني، وقالت: لا أعتقد أنهم جعلوا بلادنا أكثر أمنا من وجهة نظر المجال العام بفعلهم ذلك.
تصريحات بيلوسي جاءت قبل ساعات معدودة من تصويت مجلس النواب حول مشروع قانون بشأن الصلاحيات العسكرية للرئيس الأميركي، والذي يهدف إلى منع ترامب من شن حرب على إيران من دون موافقة الكونغرس.
وأعد الديمقراطيون في مجلس النواب مشروع القانون بعد حماقة ترامب، بينما شددت بيلوسي، على ضرورة وقف سيد البيت الأبيض الممارسات الاستفزازية تجاه الجمهورية الإسلامية.
وعلى صعيد صفوف حزب ترامب الجمهوري أظهرت جريمة اغتيال سليماني تباينات واضحة داخله حيث انتقد عدد من نوابه الإحاطة التي قدمتها الإدارة الأميركية لتبرير الجريمة حيث وصف السيناتور الجمهوري عن ولاية يوتا مايك لي الإحاطة بأنها الأسوأ خلال 9 سنوات من عمله في مجلس الشيوخ على الأقل بالنسبة للمسائل العسكرية، مشدداً على أن مبررات الإدارة الأميركية القانونية والواقعية والمعنوية للاعتداء لم ترضه، فيما أكد أحد أعضاء مجلس الشيوخ أنه سيصوت للحد من صلاحيات ترامب في شن الحرب ضد إيران.
مبررات إدارة ترامب حول الجريمة لم ترض أيضاً الديمقراطيين حيث قال إليوت إنجل رئيس لجنة ذات صلة بمجلس النواب: لست واثقاً من أنكم ستصدقونني.. هذه هي الإجابة التي ترضيني، مشككاً بوجود سبب ملح لجريمة اغتيال سليماني.
صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أكدت من جانبها استمرار حالة التخبط داخل إدارة ترامب في مواجهة تداعيات جريمة اغتيال سليماني مؤكدة أن قراراته المتهورة أدت إلى فوضى نتج عنها أزمات داخلية وتوترات عالمية.
وأشارت الصحيفة في مقال لها أمس إلى أن كلمة ترامب الأخيرة حول اغتيال سليماني تمثل من نواح كثيرة صوت السياسة المشوشة وأظهرت أنه بعد ثلاث سنوات في منصبه لم يقم بحل الصراعات فيما يتعلق بالأمن القومي والتي انبثقت من خطاباته وتغريداته على تويتر.
الصحفي الأميركي فرانك بروني رأى في مقال في الصحيفة ذاتها أنه من غير الممكن تحمل بقاء ترامب قائداً أعلى للقوات المسلحة ، مشيراً إلى أنه يفتقر إلى الخبرة والمصداقية التي تمكنه من دفع الولايات المتحدة إلى حرب.
ويقول بروني إنه تم انتخاب ترامب في نوبة من السخرية الطويلة والمبررة إلى حد كبير باعتبارها مقامرة واحتجاجاً ولم يظهر قوة في أي مجال لكنه تمكن فقط بأن يمثل نسخة هزلية من ذلك.
بالتوازي مع ذلك واحتجاجاً على جريمة اغتيال سليماني، والمخاوف التي أثارتها هذه الخطوة من نشوب حرب عالمية ثالثة، نُظمت تظاهرات عدة جابت شوارع الولايات المتحدة، لمناهضة الحرب ضد إيران والتنديد بالأفعال التي يرتكبها ترامب.
ونظمت المدن الأميركية أكثر من 80 تظاهرة لمعارضة اغتيال سليماني، وقرار إدارة ترامب بإرسال 3000 جندي إضافي إلى الشرق الأوسط.
وكانت منظمة «العمل الآن لوقف الحرب وإنهاء العنصرية» التي قادت التظاهرات، أشارت إلى أن الحرب ستغمر المنطقة بأسرها ما لم ينهض شعب الولايات المتحدة ويوقفها.
بدورها قالت مجلة نيوزويك الأميركية: إن مجموعة (لا حرب مع إيران) تخطط لتنظيم 185 وقفة احتجاجية في مختلف أنحاء الولايات المتحدة ضد «التصرف المتهور» لترامب بحق إيران.
ونقلت المجلة عن المجموعة قولها في بيان على موقعها الإلكتروني: إن تصرف ترامب المتهور قد عرض حياة أعداد كبيرة من القوات الأميركية والعراقية والمدنيين للخطر من دون مبرر، لافتة إلى أن الاحتجاجات ستنفذ في العديد من المدن الأميركية الكبرى منها واشنطن ونيويورك ولوس أنجلوس ودالاس.
مراقبون ووسائل إعلام دولية أشاروا إلى التخبط الذي تعيشه إدارة ترامب والذي يعكسه اتخاذ القرارات داخل تلك الإدارة ومن ثم التراجع عنها خصوصاً لجهة تكرار مسألة الإعلان الأميركي عن الانسحاب من العراق أو سورية ومن ثم التراجع عنها ما دفع العديد من الأميركيين للتشكيك بقدرة ترامب على اتخاذ القرارات الصحيحة فيما يخص السياسة الدولية.
إلى ذلك أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز (بيو ريسيرتش) الأميركي في 33 دولة حول العالم شمل 37 ألف شخص أن ثلثي الأشخاص المستطلعين لا يثقون بقدرة ترامب على اتخاذ القرار الصحيح فيما يتعلق بالسياسة الخارجية.
وبين الاستطلاع الذي أجري في الفترة بين شهري أيار وتشرين الأول من العام الماضي ونشره موقع رو ستوري الأميركي أنه حتى قبل تصعيد ترامب للتوترات مع إيران جراء اغتيال الفريق سليماني قال 64 بالمئة من المشاركين «إنهم لا يثقون في أن ترامب سيفعل (الشيء الصحيح) عند اتخاذ القرارات بشأن العلاقات مع البلدان الأخرى».
وبين الاستطلاع أن 89 بالمئة من الذين شملهم الاستطلاع في المكسيك كانت نظرتهم سلبية تجاه ترامب بينما قال نحو ثلاثة أرباع المستطلعين في الدول الأوروبية بما فيها هولندا وإسبانيا والسويد وألمانيا وفرنسا إنهم غير واثقين في قرارات السياسة الخارجية لترامب.