قد يكون ترامب هو من أعطى الأمر بذلك شخصيا أو أن الدولة العميقة المتحكمة في القرارات المصيرية في واشنطن قد أصدرت أمر الاغتيال.
حسب المعلومات المتوافرة من جنوب شرق آسيا، «قدمت إسرائيل الإحداثيات لأميركا من أجل قتل قاسم سليماني لأن الولايات المتحدة كانت تريد تجنب تداعيات الاغتيال عليها.
بغض النظر إن كان ترامب أو الدولة العميقة بحالة حرب، إلا أن أحد الهواجس الجيوسياسية التي تجمعهما هي المواجهة المستمرة مع إيران والتي يرتاح لها البنتاغون ولكل تداعياتها.
فالمسؤولون في البنتاغون يقولون بأنهم لا يرون تحريضا أفضل ضد إيران سوى من أن يضم ترامب بغداد الى قائمته الطويلة من العقوبات والاستفزازات فالعراق اليوم هو مسرح المعركة المفضلة لحرب بالوكالة ضد إيران والتي قد تتحول إلى حرب ساخنة مع آثار مدمرة.
ونحن ندرك أن هذه الحرب ستحدث، فالمسؤولون في الموساد أطلقوا الكثير من الشائعات في الصحافة الإسرائيلية، كما أن البنتاغون أطلق تهديدات مبطنة.
مرة أخرى، تُظهر الأيادي الاستثنائية في العمل ومدى توقع هذه الأمور: ترامب مُهدد بكف اليد، نتنياهو متهم، وبالتالي لا يوجد أي موضوع آخر «كالتهديد» الخارجي يمكنه حشد القوات الداخلية.
القائد الأعلى آية الله الخامنئي يعرف بهذه التعقيدات المختلفة، وليس من المستغرب أمام خبر (اغتيال) كهذا أن تعود شرارة الحرب: «انتقام شرس بدأ ضد المجرمين الذين يحملون دمه ودم غيره من الشهداء على أيديهم». فترقبوا ما هو أكثر إيلاما.
ويضيف الكاتب :قابلت أبا مهدي المهندس في بغداد قبل عامين وعددا من أفراد الحشد الشعبي، وهذا تقريري الكامل: الدولة العميقة تعاني من هلع شديد من أن يصبح الحشد الشعبي منظمة أساسية، أي أن تصبح مثل حزب الله وبنفس قوته، وأن يصبح أية الله سيستاني سلطة سياسية عظمى في العراق تحظى باحترام مطلق وبتأييد كامل.
الهجوم الأميركي يقصد أيضا السيستاني، والغباء بان ترامب لم يدرك بأن الحشد يعمل بأوامر رئيس الوزراء العراقي، إنه خطأ استراتيجي جسيم لا يمكن أن يرتكبه سوى الهواة.
لقد ازدرى القائد سليماني الدولة العميقة في العديد من المرات وكان يمكنه أن يلتهمها كوجبة إفطار أو غداء أو عشاء باعتباره استراتيجياً عسكرياً.
إن سليماني هو من قضى على داعش في العراق وليس الولايات المتحدة التي حولت الرقة إلى خرابة.
سليماني بطل خارق وأسطوري بالنسبة لجميع تيارات المقاومة في العراق، واليمن وسورية وفلسطين وجنوب افريقيا، آسيا وأميركا اللاتينية.
لا يوجد أمام الولايات المتحدة أية وسيلة لتثبيت قواتها في العراق إلا بحالة واحدة وهو احتلالها مجددا على حمام من الدماء، ولننسى «الأمان»: فلا يوجد أية قوة امبريالية رسمية أو عسكرية امبريالية حاليا تحظى بالأمان في أية منطقة كانت من العالم .
الطريقة الوحيدة لتجنب الحرب نتيجة هذا الخطأ الاستراتيجي الجسيم هو أن يكون هذا المسمار هو الأخير الذي يغرز في نعش قواعد الإمبراطورية الأميركية في الشرق الاوسط. استعان وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف باستعارة لطيفة: إن «شجرة المقاومة» مستمرة بالنمو. إذ بإمكان الإمبراطورية الأميركية أن تقول الوداع لجنوب غرب آسيا وتنسحب.
باختصار العبارة، ستكون طهران حذرة جدا بردّها وقاسية أيضاً «وقد تحقق ذلك».