وكاد الدخان الأبيض يتصاعد معلناً التوصل إلى اتفاق، حتى تصدى له وبدده وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس وحوله إلى دخان أسود بسبب معارضته حسب تأكيدات من أطراف شتى لإبرام اتفاق مع ايران.
وبغض النظر عن لون الدخان الذي كان سيخرج من المفاوضات النووية فإن هذا الدخان بحد ذاته أصاب إسرائيل بالعمى وانعدام في الرؤية والتوازن، فالاتفاق مع طهران لا يسرها وتكاد تنفجر من الغيظ وهي ترى بوادر الحل يلوح في افق هذه المفاوضات.
إن الأميركيين والاتحاد الأوروبي والإيرانيين يعملون بشكل مكثف منذ أشهر على هذه العملية وليس الأمر سوى محاولة من فابيوس لإعطاء نفسه أهمية بعد فوات الأوان.. ولعل اندفاع فابيوس للتعبير عن مواقفه أمام وسائل الإعلام لعب دورا في إثارة التشكيك حياله.
العرقلة الفرنسية والهجوم الإسرائيلي، لم يفرملا المفاوضات التي شهدت تقدما نوعياً في جانب، ونقاشات في جوانب أخرى، ربما تحتاج إلى جولة مفاوضات حاسمة.
على أية حال، الأمور وصلت إلى مرحلة إعداد نص الاتفاق رغم بعض التفاصيل التي لا تزال محور التفاوض والنقاش، ويبدو أن الغرب مستعجل لإبرام اتفاق أكثر من طهران، وإلا كيف يمكن تفسير وجود وزراء الخارجية الغربيين وزحمة طائراتهم في الأجواء السويسرية؟
غضب إسرائيل، الذي تحول إلى هستيريا، كما هو ظاهر من خلال التصرفات والمواقف والتصريحات غير المألوفة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يعود بالدرجة الأولى إلى التغيير الذي طرأ على توجهات الرئيس الأميركي في تعامله مع قضايا المنطقة وفي مقدمتها إيران.
ولعل عدم فهم قادة الكيان الصهيوني للأسباب الحقيقة وراء هذا التوجه الأميركي الجديد، هو الذي جعل قادة الكيان وفي مقدمتهم نتنياهو، يظهرون بهذا المظهر المضحك، وهم يعيدون ويكررون ذات العبارات الممجوجة المحذرة من ايران وخطورتها على المنطقة والعالم، في الحاح طفولي ممل، وكأن الاخرين لا يرون ما يرونه هم.
نتنياهو الذي يغرق في تغطرسه ونياته العدوانية تجاه إيران لا يريد أن يقرأ ويتعلم من أخطاء غيره وإخفاقاتهم العسكرية في الميدان.. وهو ينسى الدروس التي لقنته إياها المقاومة في لبنان وفلسطين عندما هاجمت اسرائيل لبنان وغزة.
daryoussi@hotmail.com