وبناء على الظروف الراهنة أصبحت عبئاً مرهقاً على كاهل هذه الأسر وخصوصاً بعد تراجع المداخيل، وقد احتاجت هذه الظروف بعض التدابير لتأمين الأقساط الشهرية وذلك على حساب المصروف المنزلي والاحتياجات الشخصية.
ويعد تأمين القسط الشهري بالنسبة للموظفين ممن لديهم دخل شهري أكثر سهولة من الذين ليس لديهم رواتب، فالمصرف يقوم باستجرار القسط بطريقة روتينية لكن العبء الأكبر يقع على الذين عليهم تأمين القسط، وقد اقترضوا ليقوموا بمشاريع صغيرة والظروف الراهنة منعت الاستفادة من هذه المشاريع لعدم التمكن من تنفيذها وهذه الفئة من المقترضين هي التي تعاني أكثر من غيرها لكن كلتا الفئتين تعيش تحت ضغط القسط الشهري.
ولكن الضغط الأكبر يكون في توزيع الميزانية الشهرية على المستلزمات والحاجيات وفق الغلاء الذي تشهده الأسواق، أما عن كيفية تدبر الأسرة المقترضة لهذا الوضع المربك وتأمين الأقساط فإن تجربة العديد من الأشخاص المقترضين تشير إلى أن تأمين القسط الشهري من خلال تقليص الحاجيات المنزلية وضغطها لأقصى الدرجات هو الخطوة الأهم التي يفترض اتخاذها، فعلى سبيل المثال يمكن الاعتماد في شراء الأغذية من المؤسسات العامة التي تعرض مواد وسلعاً أقل من سعر السوق أومن خلال البحث عن محلات الجملة التي تقدم عروضاً بالإضافة لذلك الاعتماد في شراء الملابس من محلات الرخصة كما يمكن للأسرة اتباع أسلوب التوفير وتقسيم ما تبقى من الراتب الشهري على أيام الشهر وتحديد المبلغ المفروض صرفه في هذا اليوم بالنسبة للأسرة التي لديها دخل وحيد، أما الأسرة التي يعمل فيها الرجل والمرأة فيمكن الاعتماد في ذلك على أن يدفع أحدهما القسط الشهري والطرف الآخر يدفع مستلزمات الأسرة، أما بالنسبة لأقساط السيارات وهذا النوع من المقترضين يشكل النسبة الأكبر، لعل تأجير السيارة قد يعود بالفائدة على المقترض ويمكن من خلال هذه الخطوة تسديد القسط دون تحمل أعباء إضافية.
إن عدم الالتزام بالأقساط المصرفية قد يخضع المقترض للمساءلة القانونية بالإضافة إلى أن اسمه سيكون في قائمة الزبائن غير الملتزمين بالسداد ما يجعله فيما بعد لايستطيع الاقتراض من أي مصرف دون كفالات عالية بالإضافة إلى أن تراكم الأقساط سيحمله فوائد أعلى من الفائدة المتفق عليها ما سيضاعف المبلغ المقترض، وبذلك سيتحمل صاحب القرض أعباء إضافية، وفي حال كانت الكفالات عقارية أوأملاك ثابتة فإن الحجز على هذه الكفالات سيكون من ضمن الإجراءات التي سيتبعها المصرف وهنا يفترض أن تنظر الجهات المعية لأوضاع هؤلاء وتجد الوسائل الكفيلة بعدم تحميلهم المزيد من الأعباء المترتبة على القرض.
من جانب آخر فإن إجراءات الدولة لتخفيف أعباء القروض لم تطل الموظفين وأصحاب ذوي الدخل المحدود المقترضين من المصارف علماً أن هؤلاء تأثروا كثيراً من جراء الأزمة وارتفاع قيمة جميع السلع وانخفاض قيمة الأجر وهو الأمر الذي كان ربما يجب أن يدفع الجهات المعنية لتلمس ظروف هؤلاء المقترضين بالتخفيف عنهم كما فعلت مع أصحاب المنشآت من القطاع الخاص الصناعي والتجار باتخاذ إجراءات معينة تسهل لهم دفع القروض التي اقترضوها من المصارف كأن تمدّد فترة الأقساط بحيث ينخفض قيمة القسط خاصة أن هؤلاء موظفين ولا يمكنهم حتى التخلف عن دفع أقساطهم لأن الاقتطاع يتم على الراتب بشكل تلقائي.
ويقول محمد العلي وهو موظف ورب أسرة : اقترضت من أحد المصارف العامة مع بداية الأزمة وتم تحميل القرض على الراتب ومع تفاقم الأزمة واشتداد الغلاء لم يعد راتبي يكفيني لتغطية احتياجات أسرتي نتيجة أن الراتب يذهب قسم منه كقرض بالإضافة إلى أن قيمة الدخل لم تعد توازي حجم ارتفاع الأسعار نتيجة انخفاض قيمة الليرة وبالتالي تضاعفت أعبائي المادية ووقعت بين ناري تسديد القرض وتلبية احتياجات أفراد أسرتي وأصبحت أبحث عن عمل إضافي وكنت آمل من المصارف العامة أن ترأف بأحوال أصحاب الدخل المحدود وتقوم بتمديد أقساط القرض أو أن تخفض من قيمة القسط .
أمل محمود موظفة وربّة أسرة قالت : أنا وزوجي كل واحد منا اقترض على راتبه بهدف إعادة ترميم البيت الذي نسكنه غير ان الظروف الحالية أثرت كثيراً علينا ولم يعد ما تبقى من رواتبنا كافياً لتأمين متطلبات أسرتنا .
ويرى الدكتور عابد فضلية بهذا الخصوص أن انخفاض القوة الشرائية وعدم كفايتها لسد احتياجات ذوي الدخل المحدود مسألة واقعية وتستحق المراعاة ولكن المصارف لا يمكنها أن تعفي أو تؤجل جميع المستحقات لأنها مؤسسة ربحية من جهة ومن جهة أخرى لأنها مؤتمنة على أموال المودعين بالأساس
وقال الحل في مثل هذه الحالة يكون عبر رئاسة الحكومة بالتنسيق مع المصرف المركزي لإيجاد حلول يتحمل تكاليفها المركزي والحكومة كأن تخفف الضغط عن أصحاب الدخل المحدود من المقترضين من المصارف علماً أن المصارف الخاصة مرنة أكثر من المصارف الحكومية في هذا الإطار كون القرار يعود إلى مدير المصرف الخاص بينما في المصارف الحكومية يعود ذلك إلى الأنظمة والقوانين المتبعة ولا أعتقد أن المديرين كونهم موظفين لدى الدولة بإمكانهم الخروج عن هذه النصوص باعتبار انه يوجد النص ولا مجال للإفتاء .
وحسب العديد من المقترضين فإن المطلب الأهم بالنسبة لهم هو إعادة جدولة القروض وفق المبلغ المتبقي للمصرف بماينعكس بشكل خاص على القسط الشهري للأسرة بمعنى أن الاسرة التي سحبت قرضاً وبقي لديها 200 ألف ليرة كدفعات للمصرف من السهولة بالنسبة لها أن يخفف قسطها الشهري من خمسة آلاف ليرة مثلاً إلى ثلاثة آلاف ليرة حتى يتسنى للمقترض تسديد قرضه من جهة وتأمين احتياجات أسرته من مأكل ومشرب والتي باتت لوحدها تكلف الكثير من جهة أخرى وبذلك تكون الفائدة متبادلة بين الطرفين .