وخلف أمواجٍ غاضبة
ترتجفُ بجوارها رواب زرقاء
هناك
حيث لا يوجد رسلٌ ولا أنبياء
لا جيوشٌ
لا حكومات
لا دول
هناك أقمتُ مملكتي..
••
في صحراءٍ مجهولة الرمال
ركبتُ زورق حريتي
حتى نُزلي
تركتُه
من غير أعمدةٍ ولا جدران
••
كلُّ البرِّيةِ آنستني
ومشتْ في ركابي
من قال:
إن قفارَ الأشواكِ
وقطعانَ الذئابِ
موحشةٌ
من قال:
إن صقيعَ الليالي السود
والزواحف
وبنات آوى
وسفارات الجن موحشةٌ
ما دمتُ هاربةً من جلدي
••
وراءَ هذا الفضاء
عند حدودٍ ممسوحةِ الخرائط
عكفتُ على قراءة كتبي
ظلتْ ذاكرتي تدورُ وتدور
حروبٌ تراءت صليلاً
قرقعةً
صهيلاً
شلالاتُ الدماء زفرتْ صراخاً
عويلاً
فأذنتُ لمركبتي بالسفر
إلى أبعد من ذاك البعيد
••
بعد وأدي القديم وقفتُ واهنةً
لا أملك منازلَ
ولا مضاربَ
أو حتى خياماً
هناك
تركتُهم يئدونَ محبرتي
حتى دميتي
التي كانت تبتسمُ
سألتني
كم هو سهلٌ الموت بالرصاص؟
••
ملايين الفوَّهات رجمتني
أبالسةٌ
شياطين
أطواقٌ من النار حاصرتني
وبقيتُ أرسمُ لأطفالي
صورةَ صبيٍّ يلعبُ مع الكرة
••
قطّعتُ منديلي الأسود
مسحتُ بأشلائه زجاجَ نافذتي
دموعُ الندى بللتْ خريفَ الأشجار
وراحتْ تمطِرُ فوق أجسادِ العصافير
••
ضلّتْ روحي طريقَها
حارتْ بين طبقاتِ السَّحاب
الفضاءُ فضاء
وحدودُ السدرةِ الأخيرة
جسدٌ بلا كفن
رميتُ صُحفي
ورفعتُ قبضتي متحدية
••
أيها الكاهن
الرابضُ فوق صدر المعبد
هلا أقمتَ صلاةَ الفجيعة؟
تلك التي تلغي كل الطُّقوس
تلك التي
تحتفي بقيامةِ الأموات
علهم يرفعون ادعاء أمام الله
••
ذابتْ أختامُ ألف محكمةٍ ومحكمة
اصفرّتْ أوراقٌ
تصدّأتْ
ولم يمتْ يهوذا
لم يمتْ
مازال يأكلُ الخبزَ المسروق
ويشربُ النبيذَ
بجوارِ مقامات الأبرياء