تتعثر بالصمت.. وعويل الجهات
كعمرٍ من عشب يابس
تركته الغزالة بلا نداها
فانفطرَ في سماوات القصيدة.. قمرْ
تلاوة من ذكر الهمس
حين الأصابع.. في جمع تكسيرهن.. ذبلن
كحقل ورد أخرت غواية القيظ نداه
عن موعد العزف
لتصهل خيول النار..
راكضة على صراط الهوى
نحو المقابر
مخذولة بالمدّ في جزره
فلا جنوب شمال المقبرة
ولا قيثارة تعزف ما تبقى من لطم النثار
على صدر الجهات
ولا بياض يكفي لكل هذه المواسم
في رحيل عازف الأماني
في شغف الموت
وخيول النار..
تضرب بحوافرها.. أرض الحزن
تهتز العتمة
تصطخب الأرض
أفرد جناحيّ المرهقين كليل مثخن العيون
وكنبي يتضور فرحاً
أقتلع عينيّ
لأحيل الضوء فيهما قرطين من صدف
لأنثى تشعلني
ثم.. ترجمني بالماء
فأحترق
وخيول النار.. تصهل.. ترتيلاً
لآخر النبض على شاهدة لقبر ما.
••
منتصف الحلم.. ليل
ينتصف الكأس
وامرأة الوهج تلتحف الصمت
في سدرة التمني
وحدها
خيول الماء تعرف معنى السكر
فترقص فوق اتقاد الزجاج
في رؤى الليل
مقتولة بعبث الريح بجديلة الحلم
تتأرجح عظام الأبجدية
سكراً بمفردات اللازورد
حين انتظار الزهر على سفح الأنوثة
وجع الخيول في نزف الظهر من سياط الوقت
حين ارتجاف يد الحوذي
فيرفّ طير بوم على غصن قلب
يبشرُ بالمصيبة
حين السماء.. في لحظة شوق
تسقط في قعر الكأس..
دون ملائكة أو شياطين
و ليْ..
كل السرمدي في عرف الخواء..
والاشتهاء
فكنتُ بلاي
وكنت الرغبة في أوج سعير النار
في عيون الموسيقا
وكنتُ الشهوة في هديل الحمام
المهتوك التمني حين السراب
وهم دفء في انتهاء البرّ..
وكنتُ صوفية اللغة في التصاق الشفاه..
واختزال الزمن في صدف الأغاني
حين الحريق.. نصٌ مقتول
وكنت الكلام.. كلام العيون
حين الغبار أثر الرحيل
والتركْ على قارعة الهوى
منذ نبض لما يزل في الصدى.. صداه
وكنتُ صهيل الخيول..
حين تعبرني كأرض مهجورة الورد
حين المطر.. قدسُ الصلاة
في معراج البحر نحو الغرق
وكنتُ الموت.. في موته
بأصابع تعيدني لأول رشفة من كأس النثار
في منتصف الحلم ْ
••
فجر أخير
يتسلل الضوء من صمت عيونها بصمتْ
وتقتلني نداءات البرية في شبق الأقحوان
حين ضجيج العطر
ككاهن البخور في صدر ناي
يحاول ترتيب النفس في ارتحال اللغة نحو أفق
لمجاز
فيعانق أزرق البحر.. سماء التمني
يقبلها..
يمارس ارتواءه بتفتح الحجر في موسم العشب..
فتغرق في هياج البحر
أحمل صليبي وأصعد سلم موسيقاها
حين المخاض لتنجبني
فأراني
طفلاً يحاول أن يعتلي صهوة الريح
ليلحق بالخيول الراكضات نحو الغيم
حين العود
يرتل آذان الفجر في صلاة أخيرة
قبيل رحيل اللون نحو الرمادي من العمر
فأخلع مسامير الزمن القبيح من عيني
علّي أرى.. فلا أرى
وحدها الخيول تدركني فترتكب الأيمان
بضلعي المخلوع من جنة النور
لأسمع صراخ آدم في وجه الويل
وحدها الخيول من صهلت
مقتولة بكل هذا الغياب النامي كطحلب على قلبي
وحدها..
صهلت مقتولة بالعناكب
حين بنين بيوتهن على الشفاه
وحدها..
صهلت مقتولة بالخناجر
في عيون الفراتْ في كرنفاله الأخير
وحدها.. صهلت مقتولة بالصدى
لحكاية لا تبدأ.
••
بعد الشمس
وحيداً.. أسأل:
ما تراني أقول للخيول إن تأخرتِ أكثرْ؟
يجيبني صدى الصهيل:
الخيول ماتت
---
هامش في نعوة الصهيل: لن تموت الخيول وإن فقدت فعل التنفس