تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لا تحزني يا غيوم فأنت سوريّة

الملحق الثقافي
25-6-2013م
خلدون زينو:سوريانا مزنةُ

حباها الله ببنوّته ورعايته.. وعلَّمها.. فعلَّمت..‏

وجرَّبها.. فكانت وكوَّنت..‏

وألهمها العمر والحبَّ والصبر والسلوان والبأس‏

تحزن لكي يفرح أبناؤها..‏

وتبكي لكي يبتسموا.. وتجوع ليأكلوا..‏

ودائماً تنهمر.. لتسقي.. فيعانق الخير السماء‏

هي الخصب.. في الموت والحياة.. والقهر والنصر‏

في الانكسار.. والانحناء.. والشموخ‏

في المرح والغضب والأرجوان..‏

في القدود والعتابا.. وأناشيد القداسة‏

في رحمة الهلال.. وتسامح الصليب‏

في العلماء والبسطاء.. والشهداء.. والمدافع.. والياسمين‏

إنَّها سوريا‏

كلّ قمر يدل عليها.. وكلّ زغرودة.. وكل نحيب‏

ما من غيمة إلا تلوذ بروحها حتى لو نثرت ماءها في أقاصي الكون‏

تهزُّ إباءها.. فيأتيها الغزاة.. ويرحلون‏

مجلّلين بالعار.. ومهزومين بالندم‏

وتهزُّ بعضاً من حيائها.. فيهطل الأحبّة‏

ويندلع الزنبق والقمح.. والنعناع.. والرحيق‏

فكلّ زهرةٍ تسورنتْ وكلّ حبّة حنطةٍ حذت حذوها‏

هي مطارح الأبجدية والياسمين‏

التي طالما تُركت وحيدة‏

في مواجهة الظلام.. والجهل.. والتجهيل‏

وحيدة في “جميعها”‏

في كينونتها وتعقيد بساطتها.. وغموض وضوحها‏

....‏

شرق أوسط؟‏

إنّه أوسط الشرق.. قلبه وأطرافه‏

كنائسه.. وجوامعه.. وتاريخه.. الوحيد في عديد‏

وسيول تجلياته.. في نكباته وانتصاراته‏

في الحبّ والحرب.. والعطش والفيضان‏

في أميّة الموت.. وأممية الحياة‏

أيّ شرق أوسط هذا؟!‏

في البلاد التي اخترعت الشرق والغرب.. والشمال والجنوب‏

..وياما حباها الله تعالى‏

فانهمرت الرسالات.. وجاء الأنبياء‏

وتنفس الصوت في كتيم الصمم‏

نعم.. كان المجد للأنوثة.. للأم الكبرى عشتار‏

ساحبة تمّوز في كل ربيع من سحيق الظلام‏

إلى يفاعة الحكي والأبجدية وأوغاريت الموسيقى والأرجوان‏

وأقلام الكيمياء والفيزياء‏

ودفاتر المرحبا و”اقرأ” الجريحة في قرآنها الحزين‏

ورحلة الشتاء والصيف وقيامة السيد المسيح‏

“إنّما آتيكم أحمل سوطاً وسيفاً.. يا من جعلتم بيت أبي مغارة لصوص”‏

....‏

عندما يتم الفتك بالإيمان باسم الدين‏

وعندما يتم هدر دم العقل والحكمة باسم “الواقعيّة” وتجميل الخنوع‏

وعندما يتم “التبرّع” بأشلاء الوطن وتمزيق يخضورها ومستقبل أبنائها باسم “الحريّة”‏

وعندما يتم تكفير مقاومة العدو الغاصب المحتل وجهاً لوجه‏

و”تقديس” عمليات ذبح الأهل وهذيان الدم الطائفي البغيض‏

وعندما.. وعندما‏

لا بدّ من تعريف منطق هذا الذل المستقوي بكل إمكانات البؤس في الداخل والخارج‏

لا بدّ من الاستعانة بالله تعالى.. بعدما نصّبوا من أنفسهم‏

ليس فقط أوصياء باسمه على العباد‏

بل تجاوزوا في رسالاته وكتبه كلّها‏

وقوّلوا أنبياءه بما لم يقولوه‏

وأنطقوا آياته بما تهتز له عروش السّماوات لبغضه وقحطه ودمويّته‏

“هل حقاً استوطن الذئاب والخونة والجبناء.. والعاطلون عن المحبّة.. وطننا؟”‏

أم هو المخاض العسير الجميل.. السّاحق؟!!‏

لا بدَّ هنا من صرخة غضب.. لا احتجاج‏

علّنا نؤلّف الماضي ونتذكّر المستقبل‏

إنّنا مدعوون معاً إلى دواخلنا وأحلامنا وخيالاتنا “الأصدق” من الواقع!‏

لنوثّق لهفتنا وهلعنا.. وطمأنينتنا‏

خصوصاً.. بعدما “فات الأوان”‏

ولم يبقَ إلا نحن‏

السوريون‏

أهل الأبجدية.. والحضارة.. والمحبّة‏

وأيضاً القوّة.. ووقفة العز‏

دائماً تحيا سوريا للسوريين‏

....‏

فضاء...‏

هل ببعض من حنين:‏

وانقضت ثلاثُ ساعاتٍ كاملاتٍ بلا شهداء‏

يا بلادي التي زغردتني‏

وما علّمتني يوماً.. وما تعلّمت مرَّ البكاء‏

واكتظّ الشارع الحلو الّلذيذ بالأشلاء والشهداء‏

وبالوحوش الذين بإسم «الدين»‏

يمتصّون رحيق الدّماء‏

ويقتلون عمر الهواء.. وعمر الماء‏

ويغتالون.. بالأسماء.. والأنبياء‏

ويفتكون.. بربّ السماء‏

....‏

لا بأس يا سوريا‏

فكلُّنا شهداء‏

وكلُّنا يا سوريا.. أحياء..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية