والبعض منهم يحمل جنسيتين أو إقامة مؤقتة في إحدى الدول الأجنبية, وعلى سبيل المقارنة فقط كان يعبر حاجز رفح عام 1999-1400 شخص يوميا, فيما كان الآلاف أيضا تعبر حاجز أريز على رغم سياسة الإغلاق المستمرة.
والآن يعيش مليون ونصف المليون شخص فوق بقعة أرض تبلغ 41 كم طولا و12 كم عرضا.
واستخدم تشبيه غزة بالقفص الدكتور محمود العكر, الطبيب الذي يرأس اللجنة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطنين, بينما غزة بالنسبة لمواطن آخر منها هو أحد الصناعيين الذين يملكون مصنعا للمواد الغذائية تعمل 5% من طاقته فقط أشبه بالمستشفى حيث المرضى لا يعملون وإنما يطعمونهم فقط, لا يعملون لأنه ومنذ خمسة أشهر لم تمنعهم إسرائيل من تسويق ما يصنعون في غزة فحسب بل أيضا منعت دخول أي مواد أولية وأي وسائل إنتاج إليها, وفي حال استمرت أسعار المواد بالارتفاع وتفاقمت أزمة نقص الأموال من أيدي الشعب بسبب قطع المصارف الإسرائيلية علاقتها مع المصارف في غزة, فإن الهيئات والمنظمات الإنسانية سوف تزيد من مساعداتها الغذائية, والتي تشكل اليوم فقط 10% من المواد الغذائية المستوردة, ويخشى أن يأتي يوم, ربما تضطر فيه تلك إلى إلقاء طرود المساعدات من الطائرات.
وتعتقد الحكومة في تل أبيب وكذلك الإدارة الأميركية وأوروبا أن الحصار الكامل لمليون ونصف المليون نسمة, وكذلك التدمير الكلي للبنى الاقتصادية في غزة هو الرد الأمثل على حماس لغاية سقوطها على أقل تقدير.
وفي الواقع, اعترفت حكومة اسماعيل هنية في غزة بأن هذا الوضع الحكومي الذي تشهده غزة هو مؤقت, ويتعلق باستئناف الحوار بين حركة حماس وفتح, هذا الذي تعمل إسرائيل وأميركا على عرقلته.
وكما هو الحال دوما يعطي منع طلاب وإن كانوا أقلية من المغادرة لمتابعة دراستهم خارج غزة فكرة عن خطورة نتائجها على المستقبل الفلسطيني, إذ ومنذ سنوات عديدة من الآن والسلطات الإسرائيلية تمنع شبان غزة من الذهاب لمتابعة دراستهم في الضفة الغربية, ومن يرد متابعة دراساته العليا فعليه الذهاب إلى خارج البلاد, وهنا فقد حصل عشرة طلاب فقط على سبيل المثال على منح دراسية عليا في ألمانيا, ولكن ثمة المئات غيرهم ممن باشروا الدراسة في الخارج وجدوا أنفسهم محاصرين في غزة هذا الصيف والآلاف غيرهم تخلوا عن أمل متابعة دراستهم في الخارج بسبب سياسة الباب المغلق, وفي هذا تعزيز لموقف حماس, ووضعها لدى الشعب الفلسطيني في غزة.
لقد جعلت إسرائيل, ومنذ عام 1991 من سياسة الحصار والإغلاق الكامل أو الجزئي لأراضي قطاع غزة, ولفترة تطول أو تقصر استراتيجيتها السياسية وأسلوب معاقبة جماعية وأحيانا شكلا من أشكال الردع ولكن دوما مرحلة أولية من خطة سياسية, وحتى وقت ليس بالبعيد, كنا نعتقد أن ظروف الإغلاق والحصار لا يمكن أن تكون الأسوأ ولكن أثبتت خمسة الأشهرالأخيرة أن (الأسوأ أكثر) ممكن دوما.