أو الثقافة لكن أي عمل من هذه الأعمال لم يستطع حتى الآن أن يرسم الملامح الواضحة لأي قطاع من القطاعات إلى درجة يمكن القول فيها إن مدينة الحسكة وهي مركز المحافظة لا تزال تفتقر لملامح المدينة من الداخل, ولعل العلامة الفارقة هي غياب الملامح الاقتصادية الواضحة وعدم وجود خطوات حقيقية على طريق تنويع النشاط الاقتصادي إضافة إلى أن الاقتصاد بشكل عام يعبر عن مختلف الأنظمة الرئيسية للسكان من زراعة وصناعة وتجارة وثروات باطنية.
هل لأنها بعيدة عن المدن الصناعية?
ولذلك فإن أحمد الرحال مدير اقتصاد الحسكة رأى في سياق الحوار الذي جرى بيننا حول اقتصاد المحافظة بين واقع الحال وما هو ممكن بأن اقتصاد الحسكة يعتمد على القطاع الزراعي بشكل شبه كلي وذلك نظراً لطبيعة الأراضي فيها من حيث المساحات السهلية وخصوبة التربة وملاءمة الطقس والمناخ ووفرة المياه حيث تنتج المحافظة أكثر من نصف إنتاج القطر من المحاصيل الزراعية وأن من بين الأسباب التي تجعل النشاط الاقتصادي بالمحافظة مقتصراً على الزراعة بعدها عن المدن الصناعية الكبيرة مثل دمشق وحلب وعدم ممارسة النشاطات الأخرى غير الزراعة ولذلك فإن حياة السكان وظروف معيشتهم تتأثر كثيراً بالمواسم الزراعية لعدم وجود مصادر دخل أخرى من الصناعة والتجارة وبالتالي فإن ذلك يظهر أكثر وضوحاً في سنوات الجفاف بسبب انعدام المشاريع الصناعية والشركات التجارية باستثناء بعض المهن والحرف البسيطة والتجارة الداخلية المتمثلة ببعض المحلات الصغيرة التي تؤمن الحاجات اليومية للمستهلك والتي تغلب عليها تجارة المفرق. ويبدو السؤال الذي يطرح نفسه هنا في سياق البحث عن ملامح خاصة بالنشاط الاقتصادي في هذه المحافظة وهو: هل ثمة خارطة استثمارية موجودة فعلاً?
الخارطة الاستثمارية.. خرجت ولم تعد
مدير اقتصاد الحسكة يؤكد أنه تم وضع خارطة استثمارية للمحافظة لتحديد نوعية ومواقع الاستثمارات المناسبة لكل منطقة ووفق خصائصها وطبيعتها. وقد أرسلت الخارطة إلى الجهات المهتمة وتتضمن أهم المشاريع الممكنة إقامتها في المحافظة والتي تلائم طبيعتها من حيث توفر المواد الأولية اللازمة للصناعة, وقد كان لمديرية الاقتصاد دور أساسي إلى جانب الجهات الأخرى في رسم خارطة استثمارية بالمحافظة حيث شاركت ضمن اللجان التي شكلت لهذه الغاية, وقد تم التركيز على المعامل والمنشآت الصناعية ولاسيما تلك التي تتوفر موادها الأولية والتي تتناسب وطبيعة وظروف المحافظة وبشكل خاص التي يمكن أن تكون مؤهلة لمنافسة السلع الخارجية من حيث الجودة والنوعية وبالتالي إمكانية تصديرها.
مشاريع مقترحة
يشير مدير الاقتصاد إلى عدد من المشاريع المقترحة مثل معامل لإنتاج الزيوت والألبان والأجبان والمعكرونة والاسمنت والمطاحن والنسيج والمحالج الخاصة وصناعة الأدوية ومجمعات سياحية على المياه الكبريتية (وهل بقي من هذه المياه قطرة واحدة?) ومعامل لإنتاج شبكات الري بالرذاذ والتنقيط وتصنيع الحبيبات البلاستيكية اللازمة للصناعة بالاعتماد على المشتقات النفطية ومعامل للأعلاف ومعالجة النفايات وصناعة الأسمدة. وبالتالي فإن إنشاء مثل هذه المشاريع والتي في معظمها تعتمد على المنتجات الزراعية كمواد أولية لازمة لإقامتها سيؤدي إلى تنشيط قطاع الصناعة والذي يعتبر شبه معدوم في محافظة الحسكة وأن زيادة الاستثمارات في هذا القطاع والبدء بالإنتاج سيؤدي بالتأكيد إلى تنشيط حركة التجارة بشكل عام سواء منها الداخلية اللازمة للسوق المحلية أم الخارجية الخاصة بالتصدير إضافة إلى تجارة الترانزيت.
ومن هنا يمكن خلق قطاعات اقتصادية متعددة ومصادر للدخل عديدة توازي النشاط الزراعي الذي هو سمة اقتصاد المحافظة. ونشير هنا إلى أن تعديل قانون الاستثمار رقم 10 لعام 1991 قد لحظ ميزة تشجيعية للمحافظات النامية في الحسكة ودير الزور والرقة من خلال منح أصحاب المشاريع الصناعية الذين يقيمون معامل ومنشآت في تلك المحافظات إعفاء من الضرائب مدة سبع سنوات من تاريخ البدء بالإنتاج وهناك تطلعات لإعطاء مزايا أخرى تساعد على جذب المستثمرين مثل إعطاء أراض مجانية للصناعات التي تكون متميزة من حيث نوعيتها و قدرتها على المنافسة. وبالتالي يمكن أن نتصور واقع اقتصاد أفضل للمحافظة عندما يتم إقامة منشآت ومعامل صناعية متنوعة توفر فرص عمل كثيرة ومصادر إضافية لحركة اقتصادية متكاملة تتمثل في تطوير الزراعة والصناعة وتنشيط التجارة. وبالمحصلة فإن تنوع مصادر الدخل يخفف من تأثير الجفاف والمواسم الضعيفة على سكان المحافظة ويكون البديل الأمثل للواقع الحالي الذي يعتمد كلياً على الزراعة كقطاع اقتصادي أساسي للسكان.
younesgg@maktoob.com