ويبلغ الشك مداه في الارتياب بأهداف هذا الدعم والغاية الكامنة وراءه, والتساؤل المستمر عن الصحوة غير المتوقعة من مؤسسة اقتصادية هدفها الربح المباشر والالتفات إلى عمل ثقافي لا يدخل مفهوم الربح في أي من مكوناته!
فبعد عقود من القطيعة بين القطاع الخاص وبين المشاريع الثقافية ليس من السهل ترميم الفجوة بينها, الأمر يحتاج إلى تراكم من التجارب النزيهة بحيث ينفك هذا التلازم بين الهدف المادي للمؤسسة الاقتصادية وبين الهدف غير المادي لأي دعم يقدم لعمل ثقافي غايته الارتقاء بذائقة المتلقي لا النظر إليه على أنه حقيبة مالية.
الأمر يحتاج إلى البحث عن صيغ تشريعية تجعل المؤسسة الاقتصادية مندفعة أكثر لدعم المشاريع الثقافية, كما في العديد من الدول حيث تنخفض الرسوم الضريبية مثلا للمؤسسات التي تمول مشاريع ثقافية, أو تقدم لها تسهيلات وإعفاءات كلما ارتفعت ميزانية تبني الأعمال الثقافية وفق مصالح متبادلة على صعيد الإعلان أو التسويق.
الأمر يحتاج إلى مجموعة من المبادرات من أصحاب المشاريع الثقافية للاقتناع بأن الثقافة لا تقوم على كاهل الدولة فقط, وإنما لا بد من إشراك قطاعات المجتمع المختلفة في التفاعل بين مكوناته لإنتاج خلفية صورة المجتمع, هذه الخلفية التي تمنح كل مجتمع هويته الخاصة, أليس القطاع الخاص من يجني أرباحه من هذا المجتمع? فلماذا نقصيه عن مشاريع يجني المجتمع أرباحه من هذا القطاع, وفق المبدأ الاقتصادي المتمثل بالمصالح المتبادلة يصبح لزاما على المؤسسات الاقتصادية دعم المجتمع وهو يبني هويته.