في البعيد خيالهمْ ووجوههمْ
كانت على ذاك الربيع غوايةَ الزّهر المعتّقِ للهوى
يا عشب نيسان المهدّج بالصفاء وبالنقاء وبالندى
وكأنّ منديلَ الطريق نسائمٌ..
خلف الرياح سهولنا.
يا صهوةً قد روّضتْ هوجَ العواصف كلّها
والريح تركب فوق خيلِ قدومها..
كي تقرأ العشب الفتيَّ وليس في قاموسها
شيءٌ عن القمح الفقير بجرحنا أو حقلنا
ومواسمِ الزيتون تُحْكَمُ باليباسْ ...
لا شيء يسعفنا سوى الحبّ الذي
يرمي على العتبات ذاكرةً ويمضي تاركا للريحِ
أسماءَ انتماءاتِ الفصول وكيفَ غير هواجسِ الأيامِ
ترسو اليوم في صدري وفي أشياءَ تشبهُ قصّتي..
وعلى امتداد الآهِ تنكسر الجداولُ
فوق صخر الطّحلبِ المتطفّل المولودِ في هذا المساءِ حبيبتي
والكلُّ يسأل عنك في هذا المساءِ
وكلّ شيء عابرٍ الآنَ يقضي بالغيابْ...
للغائبين مجازُ شوقٍ فوق كل مساحةٍ..
هل تعلمينَ حبيبتي ما في غيابكِ قد حصلْ ؟؟
والرّيح ترفض أن تسافر وحدها..
سقطتْ أَعِنَّةُ خيلها..
وفضاؤها لجم النسائمَ واعتقلْ..
إذْ كلّ شيءٍ كان وجها شاحبا
فحنينُ ذاك الزّهر صوتٌ فارغٌ
وحديث هذا الموج حبٌّ مبتذَلْ..
لو تعلمين حبيبتي ما في غيابك قد حصلْ..!
للغيمِ حبٌّ ضائع نكرَ السماء ووجهها
والصبحُ أضربَ عن نداهُ فما اغتسلْ ...
والليل نكَّسَ حلمَهُ..
لا فيه مقعدُ عاشقين عيونهم وجهُ الغريبِ
شفاههمْ عارٌ على شرفِ القبلْ...
ويجيء يسألني عن امرأتي التي..!
يا ليلُ تسأل عارفا.. بالله حبّاً لا تسلْ..
أنا مثلك الآنَ احتضارٌ موجعٌ
أنا راهب كسرَ العذابُ يقينَهُ
لا وحيَ في حرفي نزلْ...
أنا مارق للريح أمشط شعرها
أين الجدائلُ والخصلْ..؟؟!
كل الذي قد غبت ثانية فقالوا قد لبثت حكاية
أو ربما حلما وأكثر أو أقلْ...
لو كان يمكنني التقاطُ شهيقيَ المدفونِ في جوفي
وفي طرطوسَ تسأل بحرها عن لهفةٍ
والشمسُ تسأل موجَهُ أوليسَ من خبرٍ لهمْ
تلكَ المراكبُ..عن شراعٍ مُعْلَنٍ للريح يلعنهُ الثّملْ..
والموج يسأل شطّهُ ويدور بينهمُ الحوارُ عشيّةً
فألفُّ نفسي فوق حضنكِ حانياً..
يا شوقَ قلبي يا ملامح نشوتي...
يا من تأنّقَ بالقصيدةِ فاكتملْ..
هو ذا اشتياقي قد تنَكَّرَ أضلعي ..
ولأرضِ عينيكِ ارتحلْ...
لو تعلمينَ حبيبتي ما في غيابكِ قد حصلْ..؟!