تقرأ عكّا كتاب العبرْ
وتعرف عكّا جميع اللغات ِ
وتعرف حتّى وجوه الغزاة ِ
بشتى الصّورْ
فمن جند روما
إلى جند صهيونَ
مرّتْ دهورٌ، خلائقُ
أشتاتُ بوم ٍ، جرادٌ
وحيتانُ بحر ٍ
ولم يبقَ منهمْ أثرْ
وتعرف عكّا إذا حُذِفَ المبتدا
كيف يأتي الخبرْ
ومبنية ٌ- دائماً – ذاتـُها
ترفض الرفعَ والنصبَ والجرَّ والجزمْ
كأنيْ بها وهيَ تحتَ الحصار ِ
تسفّهُ إنذارَ جنكيز خان القديم ِ
وتبصقُ في وجه جنكيز خان الجديد ِ
إذا ما أمرْ
ودوماً تحاربُ عكّا
تحاربُ عند الجدار الأخير ِ
وشبراً فشبراً تصوغ خطاها
وتلبس في السلم ضوءَ القمرْ
يعانقها البحرُ - عكّا –
يعانقها من جهاتٍ ثلاثٍ
يلفُّ على خصرها موسماً من ضبابٍ
ويُبقي لها الجهةَ الرابعةْ
فترنو إلى الشرقِ
تبحث في العمقِ عن أمّةٍ
لم تكن ذاتَ يوم ٍكما اليوم ذا
أمّةً ضائعةْ
وعكّا كما كانتِ الأمس واليومَ
تذهبُ في المستحيلْ
تحثّ خطاها إلى حيث تعلنُ:
إنَّ القيامة حانتْ
وإنَّ الدماءَ على سور عكّا
استحالتْ نجوماً تطرِّز عتمةَ
هذا الزمان الغبيّ الثقيلْ
وعكّا تراقص حتى الدُّوارِ
تراقص بحر الجليلْ
كحوريّة البحر ترقصُ
في قاعة الريح ترقصُ
في ألسنِ النار ترقص رقصاً نبيلاً نبيلْ
أليستْ كما قيل عنها – قديماً -؟
أليستْ أميرةَ كل الفصولْ؟
وحين تراقص عكّا، تراقصُ أحبابها
تعانق كالدفءِ أحداقهمْ
وترفضُ... ترفضُ عكّا عيون الدخيلْ
تراها إذا ما نظرتَ إليها على حين عشقٍ
ستسمع نبض الحجارة فيها
ترتّل سورة « مريمَ « و « الفتح ِ»
تهفو إلى الصبح ِ، تسعى
تَبارَكَ سعْيُك ِ
سَعْيُك ِعكّا بهيٌّ نقيٌّ طهورٌ أصيلْ
وعكّا لها... شهقة الفجر، طيف المسيح ِ
يحوّمُ ليلاً، يطوفُ بها
أليس المسيح الجميل ابنها؟
وعكّا... لها
حقولُ الفراتِ، مآذنُ يثربَ
أهرام مصرَ، حدائق بابلَ، دفءُ الجنوبِ
الخليجُ، المحيطُ، عيونُ المها
وأقسمُ إنّي ومن جاء قبلي
ومن سوف يأتي
جميعاً... جميعاً لها
فعكّا الحبيبة أكبر من أنْ تقول القصيدة ما عندها
فعكّا لها
سدرة المنتهى.