ومن تجربتي الشخصية، فإن هذا السؤال يعتبر من أصعب الأسئلة التي تواجه الكاتب خلال مسيرته الإبداعية، وهو سؤال غاية في الحساسية والخطورة. أما عن الخطورة، وهو ما يهمنا في هذا السياق، فإنها غالباً ما تتسبب في انكماش الكاتب على نفسه كنتيجة أو جواباً للسؤال المطروح، والتي قد تسبب ليس في انكماش الكاتب على نفسه وحسب، بل في تراجع أولوية الكتابة في حياته اليومية، وسط قناعة قد تبدو له مطلقة بأن لا فائدة مما يكتب و أنه يمارس العبث في مجتمع لا يرى في الإبداع أهمية تُذكر في حياته، وأن الكتابة مجرد فعل يمارسه المترفون من الناس.
هذا هو حال المبدع العربي في الغالب، وقد قرأت واطّلعت على كثير من هذه «الضحايا» وذلك على عكس ما عليه الحال في الدول المتقدمة التي يلعب فيها الكاتب دوراً متقدماً ومحورياً في مسيرة المجتمع، والأهم من ذلك فإنه يلمس بنفسه هذا الدور من خلال الوقائع وردود الأفعال وغيرهما مما يشجع الكاتب ويدفعه إلى مزيد من العطاء والتفاعل مع محيطه.
مقابل ذلك، فإن التفاؤل بالمستقبل كثيراً ما ينتصر على هذا الإحساس باللاجدوى، وهو الرهان الذي يدفع الكاتب إلى مساحة أرحب من الأمل، ولولا هذا الأمل –كما أعتقد وأعرف- لهجر الكثير من الأدباء العرب أقلامهم وانشغلوا في أمور حياتية أخرى. وبالتوازي مع هذا، فإن المتعة التي يحققها الكاتب لنفسه، تعتبر دافعاً آخر، يجعله أكثر التصاقاً فيما نذر حياته له، والمتعة هنا أبدية لأنها جزءٌ من طبيعة الكاتب نفسه، وهي متعة قلما يستشعرها إنسان آخر غيره.. إنها متعة خاصة ثمنها كثير من ألم الولادة والمزيد من الوقت والجهد.
ghazialali@yahoo.com