سُبك النصان وحُبكا بإتقان وصولاً إلى عرض ببصمات إخراجية لسعيد الحناوي الذي أدى الدور الأبرز (الرجل).
مضامين العرض
التي تطرح كثيراً من التساؤلات الوجودية.. شكلها فريق العمل ككل بأسلوبية تظهر فرقاً.. وبالتالي تأتي بالجديد على المستوى الشكلي.
القالب الشكلي كان ومنذ اللحظات الأولى هو الأميز.. دون أن يعني ذلك ضعفاً على صعيد (الكلمة، الأداء).
المقصود..
أن ثقل العرض جاء بتوليفاته البصرية وحلوله الإخراجية إن كان رقصاً أو سينوغرافياً.. كانت فارقاً ملحوظاً بإمكانيات أكثر من بسيطة.
كتلة واحدة متجانسة ليس فيها شذوذ.. خروقات.. أو طفرات. ركبتها مجموعة العمل إعداداً وإخراجاً وأداء، لقصة (رجل)- مطلق رجل- جُعل في العرض دون اسم محدد، تأكيداً على حالة عامة، في أي زمان ومكان يمكن ملاحظتها.
(الرجل سعيد الحناوي) الذي يحيا حياة ظالمة، أينما توجّه، ومهما فعل، تصيبه عيشته بسهام غبنها وقهرها..
يفتقد الأب ويعيش ظلم زوج الأم- الخادمة التي أنجبت من سيدها (أدتها ريم أبو عاصي)-ويفشل زوجاً لأنه أضاع حبيبة (ليزا نصير) سيبقى يحلم بها طوال العمر.
كل مايحياه يشبه كل شيء.. إلا طعم الحياة..
عبر حواراته مع نفسه أو بالعودة لذكرياته الطفولية التي تأتي مجسدة بشخصية أخرى على الخشبة (الرجل الطفل أداه سمير الشماط).. أو خطاباته مع (ظله) الذي تشخص أيضاً ظاهرياً - فيزيولوجياً على الخشبة (أداه مكسيم نصرة) كل تلك الحواريات تشي بهواجس (الرجل).. وتعبر عن فظائع عالم محيط به، بدا غير قادر على استيعابه أوالتأقلم مع انمساخ القيم فيه، غير قادر على مواصلة فعل الخيانة المتواصل لجماليات أخذت تطمر وتتلاشى مع سيادة اللاإنساني.
نبرة الرفض لكل ماهو سطحي.. استغلالي.. ظالم، بدت واضحة في كلام (الرجل).. نبرة وصلت حدود (المباشرة) في بعض الأحيان.
كان من الممكن الاستغناء عنها بما يتوازى مع الحلول الإخراجية لعموم العمل، بما يتناسب والحلول البصرية التي اعتمدت إمكانيات (مادية) لاتكاد تلحظ.
نغمة الندب والبكائية سادت لحظات.. إلا أن ذلك لم يقلل من جهود الأداء الواضحة والمتقنة لمجموعة العمل..
كل ممثل حافظ على حالة درامية معينة تلبسته من البداية إلى النهاية.. (سحبة واحدة) ولاسيما عند التدقيق بأداء القطبين الأساسيين النقيضين في العرض، (الرجل ممثلاً دور الطيب المظلوم) و(زوج الأم) معبراً عن الشر حيناً وعن خوف الرجل حيناً آخر.
لعبة العمل بالمجمل
كانت رهاناً واعياً- كما يبدو- على صعيد القالب الشكلي.. علىصعيد رؤية إخراجية.. صهرت الأداء الجسدي الراقص بنوع سينوغرافي فيه من البساطة الشيء الكثير، لكن المعتمد روح الابتكار والاتقان.
بكل أريحية وبساطة ودون زخرفات يستعين فريق العمل بستائر سوداء وبيضاء.. تنصب السوداء في عمق الخشبة بالوسط.. وعلى جانبيها علقت ستائر بيضاء وظفت خلفية لخيال الظل الذي اعتمد خياراً وحلاً إخراجياً لبعض المشاهد.
عرض (ظل رجل القبو) لفرقة المسرح الشبيبي، الذي قدم مؤخراً على مسرح القباني مثال واضح على إمكانيات وطاقات شابة ناشطة في مجال المسرح.. تخلق من اللا شيء شيئاً جمالياً بديعاً، بدافع عشقها لفنها.. بدورنا نتساءل
إلى متى تبقى هذه الطاقات دون دعم إنتاجي يجعلها تخطو إلى الأمام ويمكنها من تثبيت أقدامها على الخشبة.
إلى متى تبقى تعاني (ضعفاً مادياً إنتاجياً) يلطش كل جهودها ويبخسها حقها.