أجمع إصرار إسرائيل على قطع جميع الأيدي الممدودة لها ،ورفض كل مبادرات السلام المطروحة وعزمها المضي بسياسة الخراب والتخريب التي تمارسها منذ عقود على الأرض العربية الفلسطينية بغية اقتلاع البشر والشجر والحجر وجعل كل شيء يهودياً خالصاً، وهي لا تضيف جديداً على سياسة إسرائيل الإجرامية سوى أنها تشكل هذه المرة تهديداً حقيقياً وخطيراً للمسجد الأقصى المبارك حسب الخرافات اليهودية، كون بناء هذا الكنيس بحسب ما يحلم به الصهاينة تمهيدا لهدم الأقصى وتشييد الهيكل اليهودي المزعوم الموجود فقط في مخيلة المتطرفين الصهاينة وخطوة جديدة نحو تهويد القدس بالكامل وإزالتها مع الأقصى من التاريخ العربي والإسلامي.
هذه المؤامرة الكبيرة التي تستهدف الأقصى والقدس خصوصاً وفلسطين عموماً تستوجب تحركاً في مختلف الاتجاهات ولكافة الأطراف انطلاقا من مشاركة الجميع بطريقة أو بأخرى في هذه الجريمة البشعة التي تستهدف إزالة مدينة مقدسة بشعبها ومقدساتها وتاريخها من الوجود..
فالفلسطينيون بانقساماتهم وخلافاتهم والعرب بصمتهم وتفرقهم والأمم المتحدة بقراراتها التي تساوي القاتل بالضحية وأميركا بتقديم الدعم والمعونة للكيان الصهيوني لدرجة السكوت عن الإهانات والصفعات الإسرائيلية، كل ذلك يساهم في تشجيع اسرائيل على الإمعان في جريمتها.
إن نبذ الخلافات بين الإخوة الفلسطينيين والتعالي فوق الجراح والتوحد كدماء الشهداء الذين سقطوا على أرض الأقصى أصبح اليوم مطلباً ضرورياً لكل الشعب الفلسطيني بمختلف أطيافه وفصائله في ظل هذا الصلف الإسرائيلي الذي لا يعير اهتماماً لأحد، وصولا إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة تولد من رحم الأقصى تنقذ القدس وفلسطين من مخططات حكومة نتنياهو المتطرفة التي لاتعرف معنى للإنسان والمقدسات.
وكما تعودنا على سياسة الإرهاب والخراب الإسرائيلية وتعودنا أيضا على سياسة الصمت العربية التي درجت عليها بعض الحكومات العربية لدرجة أنها أصبحت تشكل عائقاً أمام الدعم الخارجي ودافعا ومبررا لكثير من دول العالم الحيادية لعدم تقديم المساندة والعون للقضايا العربية على قاعدة هل نكون مدافعين عن القضايا العربية أكثر من العرب أنفسهم..؟!
ونحن اليوم على أبواب قمة عربية جديدة فإن العرب مطالبون أكثر من أي وقت مضى بالتحرك لوقف هذه الهجمة الإسرائيلية التي تستهدف المقدسات الدينية عبر اتخاذ مواقف جادة أدناها سحب المبادرة العربية للسلام حتى تثبت إسرائيل العكس والإعلان بشكل صريح عن دعم المقاومة وهذا لن يكون صعبا أو مستحيلا بوجود زعماء وقادة مثل الرئيس بشار الأسد يؤمنون بقضايا أمتهم إيماناً مطلقاً.
إن إعلان إسرائيل افتتاح كنيس الخراب الذي ينذر اسمه بكثير من الخراب والإرهاب والإجرام ومواصلتها بناء المستوطنات والذي جاء عقب سلسلة من التصرفات والإجراءات الإجرامية الإسرائيلية بدءاً من اقتحام وحصار المسجد الأقصى وضم أسوار القدس والحرم الإبراهيمي الشريف ومسجد بلال إلى التراث اليهودي والإعلان عن بناء آلاف المستوطنات مستقبلاً، يشكل من جهة صفعة جديدة للمجتمع الدولي الذي طالب على لسان الأمين العام للأمم المتحدة بوقف الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة والقدس واعتبارها غير شرعية، حيث يتوجب عليه اتخاذ اجراءات عملية وفعلية على الأرض تردع الكيان الصهيوني وتلزمه على وقف إجرامه وإرهابه ضد الإنسان والأرض واجباره على العودة إلى طريق السلام ، وغير ذلك دوران في حلقة مفرغة ودعم للقاتل بقصد أو غير قصد على الاستمرار بجريمته.
أما الوسيط الأميركي الذي تلقى مع الصفعة لكمة حادة من طفله المدلل الذي لم يعره أي اهتمام وهو مابدا واضحاً خلال زيارة نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن لإسرائيل عندما اعلنت الأخيرة مواصلة التهويد والاستيطان والتخطيط لبناء آلاف المستوطنات رغماً عن الشريك الاميركي الذي دعا إلى استئناف عملية السلام، لم يتعد الغضب الاميركي زوبعة في فنجان، فما إن كشر الايباك واللوبي الصهيوني عن أنيابهما حتى ارتعد الرئيس اوباما خوفاً من الجمهوريين وخشية على وعوده الداخلية للأميركيين، مصرحاً أنه لا توجد أزمة مع إسرائيل.
إن الإعلان عن افتتاح كنيس الخراب ليس إلا مقدمة لخراب الأقصى خاصة والقدس عموما وخطوة جديدة في سسياسة الخراب التي تمارسها إسرائيل منذ زمن بعيد سعياً منها إلى خراب كل شيء بما في ذلك عملية السلام.
إن شعباً يريد الحياة فقط وجزءاً بسيطاً من أرضه لإعلان دولته المستقلة يستحق منا نحن العرب وقفة شجاعة وصادقة لردع القاتل وإعادة الحق إلى أصحابه.. ألا تستحق القدس أن يتوحد من أجلها الفلسطينيون والعرب؟ الجواب عند أصحاب القرار.