والسؤال هل إشراك هذه الشريحة يأتي انطلاقا من الرغبة والدافع من قبل هؤلاء وقناعتهم بأنهم الأكثر تحملا للعناء الذي يتطلب سواعد ورشاقة وذكاء على جميع المستويات, أم هي حاجة القائمين والمعنيين لتأسيس وإنشاء الجمعيات والتعاونيات الأهلية والخيرية بإشراك هؤلاء الأبناء كونهم طاقة متجددة وفاعلة على الدوام إذا أحسن استثمارها وإدماجها في شرايين العمل التنموي على جميع المستويات، وخاصة أن الشباب العربي بشكل عام والسوري على وجه الخصوص أثبت حضورا قويا وتميزا في أوقات النوائب والشدة كما أيام السلم والرخاء, مؤكدين خصوصيتهم ومدى فهمهم ووعيهم لحاجات مجتمعهم الأساسية والتي هي من الأولويات التي لا يمكن تفضيل أي شيء آخر مهما كان على سلم هذه الأولويات تهم بنية المجتمع الثقافية والاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية, إذ إن لكل حاجة جوانبها ومعطياتها الأخلاقية والتربوية والإنسانية والتي من الواجب النظر إليها على أنها قيمة معرفية مضافة تزيدنا ثقة واطمئنانا من ناحية الحفاظ على تراتبية العلاقات ومتانتها، بدءا من الأسرة وتعاقب الأجيال المتتالية إلى قمة هرم المجتمع الذي يظللنا جميعا بإشرافه ورعايته، لقد أثبتت تجارب العديد من الدول وفي مقدمتها سورية أن الإيمان بقدوة وقدرة الشباب حالة صحية وإيجابية أكدتها الأحداث وصقلتها إلى أبعد الحدود، فهاهم شباب سورية الذين يشكلون نواة العمل التطوعي للهلال الأحمر السوري على جميع المستويات حيث أصبح لهم هياكل تنظيمية متقدمة لمشاريع صحية وبيئية وتعليمية وإنسانية كبيرة إلى جانب عمل هؤلاء مع مشاريع أخرى وهذه لا تقتصر فقط على الهلال الأحمر بل تتعدى ذلك إلى إحضار جماعات شبابية تنشط في مجالات أخرى كجمعية سيا ومشروع شباب وجمعية شمس التي تتعامل مع الأطفال في الإطار الفني والموسيقي، إضافة إلى أسماء وأمكنة أخرى كثيرة، كل يقوم بدوره وفق الجانب المستهدف لتسليط الضوء عليه.
إن العمل الأهلي يعزز ويقوي روابط وأواصر المجتمع ويغلب روح الجماعة على الأنا وتسمو بذلك القيم وتخف بالتالي الكثير من المشاكل والضغوطات التي يعانيها الشباب نتيجة قلة فرص العمل, فيجدون في العمل التطوعي الأهلي نافذة حقيقية لإبراز القدرات والإمكانيات، وفي ذات الوقت فسحة لتحريض المكنونات على الاكتشاف والإبداع لتكتمل بذلك صورة المساعدة على الصعيد البدني والعقلي والتي تعكس مرآة حجم العمل على الأرض، ولكن الأهم في هذا السياق أن تبقى الدولة بمؤسساتها ووزارتها المتكاملة هي المشرفة والراعية بشكل مباشر أو غير مباشر كي يبقى العمل الأهلي في الإطار الوطني والإنساني الخالص بحيث تنصب الجهود والخبرات والمساعدات للشرائح التي تحتاجها.