تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إلى من يهمه الأمر... تلك الليلة

ثقافة
الجمعة 19-3-2010م
يوسف المحمود

(تابع ): كيف كان للشمس وجه ، أن تشرق ، إن جرياً على عادتها ، وإن غصباً عنها ، لتصنع يوماً جديداً.

إن في عمرها هي . لا داخل ولا خارج فيه. وإن في حياة الناس من تحتها . لا يملكون من أمرهم شيئاً إلا ما يقول بعض ، إنهم يتفاءلون خيراً أو شراً؟‏

وإن كان ذلك اليوم الذي باتت الضيعة إن كان لعين أحد أن تغمض ، ناعسة أو نائمة ، بما يعرف النوم .فإن لنا نحن الذين كنا وقتها أولاد سنتين /ثلاثة يمكن أن نرى ونسمع ولا نعي شيئاً ، مما يرى ويسمع . وإن كان أحدنا ابن مختار الضيعة . فإن لنا أن نتساءل ، كيف كانت تلك الليلة ، التي نهبت فيها تلك الليلة ، الضيعة الجارة .إن كان يؤكل ، حسب العادة حلوان ولد : قضامة ، حلاوة أو زبيباً فليس إلا من أحد دكاكينها ، الخمسة والعشرين ، في تلك الأيام . وما كان لصاحبة بيت ، أن تصنع ماء بملح ، إلا من أحد تلك الدكاكين . ناهيك بأن كان يشتري قميصاً لولد . ولا ثوب مخيط لرجل ولا لامرأة ، إلا ديناً إلى الموسم، من تلك الدكاكين ، مقابل أن لا تباع قزة ، ولا خيط حرير لغير أصحاب تلك الدكاكين ،. تلك الليلة التي لا بد لشمسها أن تشرق ، إن طوعاً وإن كرهاً‏

تلك الليلة ، قالوا كانت ليلة النصف من شعبان . البدر ولا غيمة في السماء . سواء لصالح الحرامية ، أن يروا موضع قدم أو لغير صالحهم أن يحس بهم ، أن ينظروا ، وأن يحس بهم مشاةً على درب ، أو غير درب . البدر ، يملك من أمره شيئاً أو ليس له ، أن يكون إلا كذلك !‏

ولكن شمس ذلك اليوم ، يعنيها أو لا يعنيها ذلك اليوم ، كانت على وعد ووعيد ، أن تحضر أرملة مسماة ، وابنة عجية مسماة ، إلى السرايا تدفعان عنهما التهمة الزور . الأرملة بالصراخ والدموع تقول إنها تعشي لا تطس ، من العشية ، موضع قدم فكيف لها أن تذهب ، تحت الليل لحمل بضاعة من الدكاكين للحرامية . والعجية ، ابنة سبع تمان .لا تجرؤ ، من غيبة الشمس ، أن تخرج لقضاء حاجة مستحكمة ، إلى الدار فكيف أن تحمل كيس قضامة ، أو تنكة حلاوة من دكان للحرامية . لا تعرف من أين جاؤوا ، ولا كيف سيذهبون ! إنما امرأة المختار ونسوان الأعضوية . الأرملة والعجية ، تصرخان معاً وتحلفان بالدموع ، على ذلك . هن ذهبن وهن حملن للحرامية !‏

ولكن شمس ذلك اليوم ، على كيفها ، أو غير كيفها فركت عن الظهر . فلم تطلب امرأة أرملة ، ولا ابنة عجية ، أحضرت إلى السرايا . بل المختار الذي أخذ موجوداً ، من طلعة الضوء ، ورجع عند العصر . وجهه أسود ، وحكيه لا يفسر بالجواب على السؤال العاجل :«خير انشا الله ؟ موت الضيعة من الفزع والخوف . شو عوقك ، يا مختار !‏

الذين لا يتخلون عن القول الحلو ، سخرية في المر الشديد ، سبقوا إلى القول همساً «كانت ذبيحتهم عند روساك ، عاسية!»‏

سمعها المختار ، أو لم يسمعها ؟ ولكنه قال :«عاسية ، أو رخصة ؟ فقد كانت للجميع ، حاضرين أو غائبين ؟ فقد أحضر روساك مخاتير خمس عشرة ضيعة . قدرت على طريق الحرامية شمالاً في الجرود ، إلى سفر يوم . روساك عاين بهم موجودين ، دكاكين الضيعة المنهوبة الأبواب لا تزال مخلعة ، كما دخلها النهابة ، وخرجوا بالمنهوبات . البيوت ،الحبوب مشرشرة في أرضها . مرابط البقرات . التبع القوي سيق مع أمه والتبع القاصر . يعج لأمة ، فات وقت رضاعه. روساك قال لأصحاب الدكاكين ، وأهل البيوت . أن يذكروا المنهوبات والمسروقات . زادوها ،نقصوها . أو ذكروها كما هي ؟ ولكن روساك ، على كيفه . غرم أهل تلك الضيع ، المنهوبات كلها . ودم القتيل حمله ، لعشر ضيع . قال هو ، روساك حامي الأقليات ، أول مرة ، في الضيع ، تسمع !‏

أهل الضيعة ، بفم واحد نطقوا :« قرد القرد ! لسه لم نخلص بعد من حق السلاح ، اتهمنا بأخذه للثوار !‏

«قرد القرد !ولا ما قرد القرد ! هذه هي ذبيحة روساك العاسية . كلوا ولا تغصوا ، إن استطعتم ....(سيلي )‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية