فحتى الآن لايبدو أن خطة زيادة القوات الأميركية في أفغانستان حققت الغاية المرجوة منها، وكان عدد القوات التي تم إرسالها إلى هناك لم يتجاوز إلا بقليل نصف العدد المفروض وصوله إلى أفغانستان هذا إضافة إلى مهله أربعة عشر شهراً يجب على هذه القوات قضاؤها هناك قبل تحقيق النجاح وبدء الانسحاب، والآن في شهر آيار من عام 2010 أصبحت الأمور جلية وقد تجهض الحملة الأميركية في أفغانستان إذا لم يسرع أوباما إلى التغيير، فالمناطق التي استولت عليها القوات الأميركية مثل «مرجة» في إقليم «هلمند» لم تخل تماماً من عناصر طالبان بسبب عجز السلطة المحلية الأفغانية عن فرض وجودها، وفي قندهار تواجه السلطة المحلية هناك صعوبات كبيرة بسبب الاغتيالات الممنهجة التي تشهدها المدينة، إضافة إلى إصرار كرزاي على إبقاء شقيقه كوجي على رأس السلطة، وحالياً لايبدو أن لدى المدينة خطة سياسية واضحة لفترة مابعد طالبان.
لعل مايدعو للقلق والتشاؤم أكثر هو الخلاف القائم بين أميركا والقوات التابعة للحلفاء، إضافة إلى الدبلوماسيين والمدنيين الذين يفترض بهم جميعاً تنفيذ استراتيجية أوباما في أفغانستان ومتابعة نجاحها، بحيث لا أحد من المدنيين الذين يتعاملون مع كرزاي يحظون بثقته، كما أنهم ليسوا على انسجام تام مع القائد العسكري للقوات الأميركية الجنرال ماكريستال، وهو مايؤكده مسؤول أفغاني كبير بقوله: «بالرغم من الإنكار فإن الهوة بين القيادة العسكرية في الميدان والجانب السياسي لم تكن أكبر مما هي عليه حالياً».
بالطبع لم يكن باستطاعة أوباما تجنب ذلك الواقع، لأن القدرة المدنية الأفغانية كانت باستمرار إحدى أهم نقاط الضعف في جهود مكافحة التمرد بمن فيهم كرزاي نفسه الذي يظهر غير مهتم ببناء حكومة عصرية، إضافة إلى مقاومته المطالب الأميركية بإقامة سلطة محلية وإقليمية في البلاد، وقد أشار إلى ذلك أحد المسؤولين الأفغان الذي قال: «إن كرزاي ليس القائد المناسب للدولة العصرية بل ينظر إلى نفسه على أنه وسيط، وهدفه الشخصي وقف إراقة الدماء»، ومن هنا يظهر اهتمام كرزاي بالتفاوض مع طالبان وابتعاده عن عملية قندهار- وما زاد وضع أوباما تعقيداً تعامله الفظ مع كرزاي قبل الزيارة الأخيرة، فبعد سنة كاملة من التجاهل لجأ أوباما إلى طريقة جديدة للتقرب من كرزاي مظهراً له الود والمحبة ومطالباً له سراً بالالتزام بالسياسة الأميركية، والمشكلة الآن ليست في إطار تجاوب كرزاي مع الاستراتيجية الأميركية، بل في مدى سماحه للأفغان ببناء مؤسسات على الصعيدين الوطني والمحلي.
لقد فشل أوباما في معالجة الخلل الواضح على الجانب الأميركي، ولاسيما فيما يتعلق بالدور المحوري الذي يمثله السفير الأميركي في كابول- كارل اكنبيري- المعروف بعلاقته السيئة مع كرزاي والأسوأ أيضاً مع الجنرال ماكريستال بعد سلسلة من القصص حول العلاقة المستحكمة بين الرجلين كمعارضة السفير- اكنبيري- لتشكيل ميليشيات محلية وتنفيذ مشاريع تنموية مستعجلة في قندهار.
إضافة إلى خلافهم الحالي حول طلب أفغاني بإقامة شراكة استراتيجية مع أميركا تشمل الحصول على ضمانات أمنية أميركية.
في هذا الخصوص قال- اندرو ايكروزم- من (مركز الأمن الأميركي الجديد)، منتقداً بشكل علني استراتيجية أوباما المدنية التي تتبعها إدارته في أفغانستان: « إن كرزاي على علاته لايزال رجل أميركا في كابول، لكنه هو نفسه لايعرف رجله في واشنطن» وتساءل ايكروزم أيضاًَ قائلاً: «هل السفير الأميركي في كابول أو المبعوث الخاص لدى باكستان وأفغانستان محاوران فعالان لصنّاع القرار الأفغاني، وهل تدعم السفارة الأميركية في كابول جهود مكافحة (التمرد)؟».
بالطبع فإن الإجابة عن هذين السؤالين هي بالنفي، وهو مايفرض على أوباما تغيير طريقته في أفغانستان إذا ما أراد إنقاذ خطته وتحقيقها للأهداف التي وضعت من أجلها.
بقلم:جاكسون ديل
محلل سياسي أميركي