الخيال
هو عملية إبداعية تتشكل على هيئة صور ذهنية عن أشياء غير ماثلة أمام الحواس ، أو عن أشياء لم تشاهد من قبل في عالم الحقيقة والواقع . والخيال عنصر أساسي من عناصر الآداب والأخلاقيات وهو يلعب دوراً أساسياً أيضا في مضمار العلم والاختراع فإن معظم الكشوف العلمية ، والمخترعات التقنية تمثلت لأصحابها من طريق الخيال قبل أن تتخذ سبيلها الطويل إلى التنظير العلمي أو التحقيق العملي .
توجيه الخيال لدى الطفل
الخيال يجعل الطفل مبدعا ، ولكن من المحتمل أن يقوده إلى الكذب في حال لم يوجه من قبل الوالدين والمعلم ، فحين نسمع من الطفل قصة خيالية علينا ألا نكتفي بالابتسامة مثلا ، ولا أن نقول له وبشكل مباشر أنت تكذب ! بل علينا إثارته من خلال الأسئلة وإعطائه معلومات من الواقع وتوجيه الخيال من خلال القصص والرسم والمسرح وتوفير الألعاب التي تنمي الخيال بالشكل الإيجابي والذي يؤدي إلى الابتكار ولا يؤدي إلى الكذب ، أي إثبات الخيال من خلال الواقع !
دور اللعب في تنمية الخيال
قلما يلتفت من قبل السياسات التعليمية في العالم العربي والإسلامي إلى ما بالإمكان أن تلعبه الأدوار التخيلية في تنمية ذكاء الطفل ، ولا شك أن اللعب التخيلي ينشط ذكاء الطفل ، فقد أثبتت الدراسات التربوية الحديثة أن الأطفال الذين يعشقون اللعب التخيلي ، يتمتعون بقدرة فائقة من الذكاء والمقدرة اللغوية للتعبير عن ذواتهم ، فاللعب الخيالي ينشط من خلال الألعاب الشعبية التي تنشط الخيال والذكاء والحس الاجتماعي والتعاون ، وربما في زمننا هذا يفتقد الطفل اللعب بالألعاب الشعبية التي تثير الخيال لديه بسبب وجود وسائل الاعلام والألعاب الالكترونية ، وعلى الرغم من الفائدة التي تتركها مثل هذه الألعاب إلا أن اللعب وفق أدوار الخيال من واقع الأشياء التي يقتضيها المحيط ، منزلا كان أو رياض أطفال ، يكون أكثر ثراء وخصوبة للإبداع والابتكار بالنسبة للأطفال بصورة عامة.
بعض الوسائل المحفزة
أيضا ، ومن جملة مهارات تنمية الخيال لدى الطفل ، هي القصص العلمية والخيالية والتي تتناسب وطبيعة الأعمار والفروقات الفردية ، والقصص الخيالية هي قيمة أخلاقية بالدرجة الأولى أكثر منها إضافة متعلقة بالأداء الفكري لدى الطفل ، فهي بمثابة جرعة عصف ذهني مركز على العقل لدى الطفل إضافة لذلك فإنه بالإمكان أن تقوم الكتب العلمية بدورها في تنمية رفع مستوى الذكاء والابتكار لدى الطفل ، وإن تجعله قادراً على إدراك المفاهيم العلمية ومستنتجاتها ، ولا يتم ذلك إلا عبر التجارب الميدانية والتي من المفترض أن يقوم بها الطفل بنفسه ، وترجمة ذلك في مجموعة من القدرات اللفظية والتحريرية والفنية الإبداعية.
الخيال واختلاف العمر
توصلت معظم الدراسات التربوية إلى أن ثمة اختلافاً في قدرة الطفل على الاستيعاب والاستجابة بين مرحلة سنية عن مرحلة أخرى ، وتؤكد بعضها أن ليس كل القصص الخيالية صالحة لكل أعمار الأطفال ، فقد يكون من المناسب أن تكون مثل هذه القصص قريبة جدا من محيطه وواقعه الأسري والاجتماعي ، خاصة إذا ما كان العمر يتراوح ما بين الخمس والست سنوات ، كقصص الحيوانات مثلا ، أو ما يستوحى من الطبيعة بكافة عناصرها ، الماء ، والزرع ، كذلك وسائل المواصلات الحديثة وغيرها ، تاركين قصص الخيال والخوارق الطبيعية لأوقات متفاوتة ولمراحل لاحقة.
على خلاف مرحلة الست إلى الثماني سنوات ، ففيها يكون الخيال منطلقا بلا حدود ، وتشير الدراسات التربوية إلى أن مثل هذه المرحلة العمرية ، يستطيع الطفل أن يدرك فيها الأمور الواقعية ، وأن يفرق بين الواقع والخيال ، ولذلك في هذا السن بإمكان الوالدين أو المعلم أن يسرد القصص الخيالية كقصص الأنبياء التي تحتوي على بعض المعجزات ، وسائر قصص الخوارق والأساطير.
الرسم والخيال ، الأهمية والعلاقة
الرسم مهارة أخرى تسهم بشكل كبير في تنمية الذكاء والخيال عند الطفل ، ليس في طبيعة الرسم بحد ذاته ، بل إذا ما استطاع هذا الطفل أن يوجد العلاقة بين الرسم الخيالي وانسجامه مع الواقع بعد إضافة الكثير من التعديلات والتي بالإمكان أن يسهم فيه هو بذاته دون مساعدة من أحد الأطراف التربوية .
فالرسم تعبير صادق لما يعيشه الطفل في الواقع و لذا ينصح ألا يكون في ذلك أدنى من القيود والتوجيه فيها خاصة في المرحلة ما دون الثامنة من العمر ، فهو بأمس الحاجة لأن يعبر عما في داخله بكل حرية وإبداع .
مسرح الطفل
المسرح لا يقل أهمية عن سائر المهارات التي تسهم بشكل كبير في تنمية حس الخيال لدى أطفالنا ، والمسرح له تأثيره الكبير على الطفل حين يستمع للحوار المشوق فيه ، وعندما يتلذذ بالمشاهد الحركية التي يصدرها المسرحيون ، غير مكتف بالتلقي في مرحلة ما ، لينتقل إلى مرحلة أن يثمل هو بذاته ، حيث يقوم بدورين مزدوجين ، إذكاء الخيال والإبداع والابتكار ، ناهيك عن القدرة اللفظية التي سيكتسبها جراء أدائه المتواصل في الحوار .
لا شك أن الخيال هو النافذة الكبيرة التي من خلالها يطل أطفالنا على عالم الإبداع والتميز وهذا يضعنا جميعا ، في دائرة التفكير المكثف والمستمر لأجل أن نحتوي عقولهم الصغيرة التي تحوي عالماً كبيراً ونحولها لعقول مبتكرة وذكية ، يفخرون بإنجازاتهم وإبداعاتهم بعد أن عززوا عامل الثقة بالنفس لديهم .