وهنا يحق لنا أن نتساءل ما وجه الاختلاف بين هذه البرامج؟ الكثيرون يعتبرون أن ما نراه على الشاشة برنامجاً واحداً مكرراً بضيوفه.. ولكن الرؤية تختلف. والمثال واضح، رقعة شطرنج، برنامج يحمل الطابع الاستراتيجي.
فكرته تعتمد على طرح المواضيع الساخنة، ليشكل حالة استباقية للأحداث، يقرأ الأحداث من منظور استراتيجي، وحلقة الملف النووي خير دليل على ذلك.
يعتمد على ضيوف يحملون الرؤية الاستراتيجية من باحثين ومفكرين ومثقفين، ويحاول أن يقدم وجوهاً جديدة باستقطاب محاوريه من مختلف أنحاء العالم، مع العلم أن الوجوه قد تتكرر وهذا مرده إلى الموضوع المطروح.. إضافة إلى أمور أخرى.
ما يؤخذ على البرنامج الإستطالة التي يتحدث بها الضيف، دون أن تتم مقاطعته، كأن يتكلم حول فكرة ما دون أي تدخل من المذيعة.
ولهذا تبريره لدى مقدمته انتصار يونس: طبيعة البرنامج ليست جدلية، ولا تعتمد أسلوب المقاطعة أو التشويق بالمقاطعة، ولا يبحث عن اختلاف في وجهات النظر.. فكرته تحتاج إلى وقت كاف لإيضاحها ولا تحتاج إلى المقاطعة إلا حين الضرورة.
ولكن كيف تتم عملية جذب المشاهد كأن يجلس ليستمع إلى أفكار في برنامج لا يحمل الصورة البصرية المشوقة.. فالمكان زاوية في استديو، وبالتالي حركة الكاميرا ضيقة، والتركيز فقط على الضيف وكأنه يقدم محاضرة..
بمعنى آخر عوامل الجذب والإثارة فقيرة كما هو الحال في البرامج السياسية عموماً. ربما استطاعت انتصار أن تعوض هذا الفقر البصري بالتركيز على الغنى اللغوي، فجاءت المقدمة وكأنها هروباً من هذا الواقع ورفعت هوامشها بجمل جريئة وتمكنت من الغوص في فكرتها بأسلوب جذاب رشيق.
تعمدنا كلمة هروب كي نقول إنها تحاول اللجوء إلى مكان تعتقد أنه قد يلفت الأنظار إلى برنامجها، ولكن هل نجحت؟؟
لنعترف أن مقدمة البرنامج السياسية أصبحت من المقبلات التي تدعونا إلى المتابعة أو التوقف عن المشاهدة.. فهل أرادت المذيعة انتصار التوجه إلى جمهور يحب تناول وجبات سريعة جاهزة.