هذه المنطقة تحولت إلى ساحة لحروبٍ عديدة تدور في آنٍ واحد، وتشارك فيها مباشرة جيوش نظامية غربية كثيرة. فأفغانستان تغرق في الفوضى ومعها جيوش الولايات المتحدة ومنظمة حلف الأطلسي، والعراق يقاوم الاحتلال الاميركي،لكنه أيضاً يتخبط في حروبٍ داخلية ومذهبية وعرقية وغيرها، ولبنان يعيش هاجس الحرب التي قد تأتي في أي لحظة، وهو لايزال يضمد جراحه نتيجة الحرب الإسرائيلية عليه في صيف عام 2006، وفي فلسطين تمكن الاستيطان والقمع الصهيونيان من تفتيت الأرض والشعب الفلسطيني على السواء. ولاننسى دارفور والصومال والتفجيرات التي أضحت يومية في باكستان، ناهيك بالتهديدات الإرهابية للمغرب العربي..
والواضح أن الادارة الاميركية الحالية بدل أن تعمل على مواجهة الاخفاقات التي ترتبت على سياسات الادارة السابقة،فهي تعمل على مداراتها والالتفاف عليها ظناً منها أنها ستنهيها، وربما يكون ابتداع الحرب تلك جزءاً من الهرب من مشاكل داخلية، تم فضحها من خلال الأزمة المالية العالمية، وتضخم البطالة ومشاكل التأمين الصحي، والحلول الاقتصادية التي حاولت وجهات نظر أوباما طرحها مع قدومه إلى البيت الأبيض.
حقيقة الأمر أن أميركا ليست دولة مسؤولة، وهي ترفض عمداً لعب دور ايجابي في عالمٍ يعج بالمشكلات، شرط حلها التخلص من سياسة القوة التي يفرضها نظام القطب الواحد، واستبدال نظام دولي جديد به، ينهض على توافقات وقيمٍ كونية مشتركة، تتبلور وتتعين عبر أنماط جديدة من التشاور والمشاركة، تتسم بالندية والمساواة، وتتيح التصدي سلمياً وتكاملياً لقضايا العصر الشائكة، وأهمها التعرض للعنف والقوة والاستغلال والاستعباد والتهميش والإفقار، الذي تمارس جزءاً كبيراً منه دولة تريدنا أن ننصاع لها دون قيدٍ أو شرط، اسمها أميركا!!.