لذلك بقيت ألحانه وأغانيه خالدة بهذه الكلمات المعبرة أجابني السيد (ورد شقرا) الذي اختار مكانا صغيرا يتسع لكرسي أمام أحد المحال التجارية المطلة على ساحة الشهداء وسط مدينة حمص وبرفقته صديقه العود الذي لا يتخلى عنه ويعتبره من أعز الأصدقاء.
قبل أن أرى السيد شقرا سمعت صوته حيث كان يصدح بأغنية (اشتقتلك اشتقتلك...) فهو دائما يغني ويقلد فريد الأطرش ليس بهدف الحصول على إطراء من جهة ما وإنما ليسعد هؤلاء الذين تجمعوا حوله.. مؤمنا أنه يعطيهم شيئا من ذاته, وهو بذلك أيضا يقلد فريد الأطرش فقد عرف (أبو عبدو) أن الأطرش كان يوزع الهبات على الفقراء والمساكين في شارع محمد علي باشا في مدينة القاهرة لكنه هو وبعمله الحالي (بائع جرابات) لا يستطيع توزيع المال ليغذي الجيوب وإنما يوزع شيئا أغلى وأنفس, إنه يوزع ما يغذي الروح من ألحان عذبة وأغان جميلة تذكرنا بأيام زمان, وعندما نسأله عن السبب يقول: أجد متعة في ذلك, أما أين تعلم عزف العود فيقول: كان هذا منذ عام 1956 على يد شخص يدعى أبو مروان أظن أنه قريب الفنانة ميادة الحناوي.
أبو عبدو الحمصي ناهز ال 75 سنة وهو يعزف على العود ويغني منذ 35 سنة وما يفرحه جدا أنه قرأ ذات مرة في مجلة (آخر ساعة) مقابلة مع فريد الأطرش تبين أن فريد الأطرش قد سمع به وعرف أنه يقلده, وقال حرفيا (لي أخ في حمص يدعى أبو عبدو).
أبو عبدو الحمصي لم يحاول التقدم إلى برامج الهواة أو برنامج سوبر ستار أو أي برنامج آخر ليخبر الآخرين بموهبته لقد اختار الشارع - الرصيف- الحارات القديمة.. ومع ذلك أظن أنه يبقى في وجدان كل من يسمعه ويحظى باحترام الجميع أكثر من أي شاب يذهب إلى تلك البرامج, ربما لأنه مقتنع بأن ما يخرج من القلب سيدخل قلوب الآخرين دون استئذان ويبقى فيها.
أخيرا ومن باب الطرفة سألناه إن كان يغني يوم الأربعاء أكثر من باقي الأيام, فضحك وقال لا فرق عندي بين الأيام فأنا أغني كل يوم لأن الشمس تشرق كل يوم والعواطف كذلك ليس لها يوم محدد.