فالحل لدى محطات (mtv-otv-lbc ) يأتي من (قريبو ) وبأبسط التكاليف ، من حيث تقديم الضحك وعدم الإجهاد والاجتهاد في إعمال الخيال لاختلاق الفكاهي والمسلّي .
أبسط شيء يأتي على طريقة برنامج( أهضم شي) الذي بدأت منذ فترة قريبة محطة ( mtv )عرضه ، بتقديم الإعلامية ميراي مزرعاني .
لايشذ ّ هذا البرنامج عن قافلة نوعية برامجية أطلقت مؤخراً في سماء الفضاء العربي ، إذ سبقه كل من ( لول – otv ) و ( كلمنجي – LBC )، جميعها تهدف سرد النكات وصولاً لإضحاك المتفرّج .
تختصر هذه الفضائيات على حالها .. وعلى متابعيها .. غايتها واضحة .. بسيطة .. سهلة .. ولا حاجة لشرح أو تفنيد أو تخطيط ، سوى التخطيط لكيفية عرض وقول ( النكتة ) . هكذا تمسخ دراما ( الكوميديا ) إلى مجرد ( نكتة ) على الرغم من عدم استغناء برنامج ( أهضم شي ) عن وجوه فنية لها أدواتها المجدية في الضحك والإضحاك .
ولهذا يستعين ( أهضم شي ) استحضاراً لهضامة خفيفة الظل ، بشخصيات مزوحة .. ذات كاركتر ينسحب خفّة ً حدود الكاريكاتورية ..
فحتى إلقاء النكتة تجعل منه هذه البرامج فنّاً له أهله وذووه .. وهم في ( أهضم شي ) الممثل نبيل عساف ، وليليان نمري التي ظهرت في أكثر من برنامج له ذات الغاية .
يحضر الاثنان بوظيفة محددة وهي القيام بدور( الطيّب أو الحمّيّس ) ، يلقيان النكات أولاً وكما لو أن الغاية من وجودهما تشجيع بقية الضيوف على إلقاء المزيد ثم المزيد .. حتى ( تدعس رجلهم وياخدو على الجو ) ..
وبصراحة ..
لا يحتاج هؤلاء لكثير من الوقت حتى يصبحوا ضمن ( الجو ) الذي يعتني البرنامج ويجتهد خلقاً له .. وليصل فريق العمل بغاية ( الضحك ) ليس إلى الإضحاك إنما ( التضحيك ) على وزن تفعيل .. صيغة تخبّئ معنى الإجبار والإكراه ..
هنا رواية النكتة تنقلب من هيئة سمعية إلى أخرى مرئية .. تُقولب بصرياً .. عبر تعبئة المشهد - كادر الكاميرا- بلقطات لجميع من في الاستوديو تُظهر ردود أفعالهم ( الفارطة )..تنتفخ أوداج بعضهم وتحمرّ وجوههم لا غضباً إنما حماساً واستجابةً لعرض فكاهة أو تفكّه البعض .
غالبية ضيوف ( أهضم شي ) هم من أهل الفن والإعلام ، أناس اعتادوا الكاميرا .. ألفوا مجالستها .. ولهذا يأتي إخبارهم النكتة أشبه إلى تمثيلها .. إضافة حركات وغمزات .. إلباسها لبوساً ( إيمائياً ) .. كما حاول كل من طوني أبي كرم و ماي سحاب ، الممثلان اللذان اكتسى إلقاؤهم نكات أبعاداً تمثيلية ..
محاولات قلب المسموع إلى مرئي ترافقت في البرنامج بإضافة جانب مسابقاتي .. فالضيوف ينقسمون إلى فريقين يتباريان على من منهما صاحب النكت ( الأظرف والأهضم ) .. وتقود ميراي مزرعاني هذه المباراة ( النكتجية ) ولها أن تستخدم جرساً إيقافاً لتلميحات قد تخدش سمع المشاهد أو بصره ..
ولكن ألا تجدون أن مجرد فكرة وجود الجرس .. تدخل البرنامج وصولاً لنوع من الإثارة والتشويق .. هو يمنح الإيحاء بمرور الفاضح والمبتذل ، سمعناه أم لا .. وبالتالي نشر وإطلاق حالة لاتصحّ فيها (التلفزة ) بحجة العفوية ونقل الواقع كما هو، ومنح الناس التصرّف على سجيتهم .. ذلك أن ملامسة رغبات حمراء تخرج عن هدف الإضحاك إلى غايات أخرى ، ليست من مهام برامج تسلوية ترفيهية كما يُفترض .
بكل الأحوال ..
في (أهضم شي ) جرعات .. ونوبات ضاحكة ينجح البرنامج بتقديمها حتى لو كانت معروفة وقديمة .. لكن السؤال الأهم الذي تطرحه هذه النوعية التلفزيونية التي تتحرر نهائياً من طابع ( التسييس ) .. فتبدو كردود أفعال هاربة من برامج ( التوك شو ) السياسية ، وما نجم عنها من كوميديا الموقف الناقدة .. تحت مسمّى ابتكار الجديد ومواجهة حيرة أصحاب الشركات الإعلامية الكبرى ..
يبقى التساؤل ..
إلى أي درجة يُسمح بتلفزة أي شيء تقع عينا الكاميرا عليه أو يخطر في بال القائمين على إدارة هذه الكاميرا .. محوّلين التلفزيون إلى آلة ضخمة تلتهم أي أمر حياتي ، وكل تفصيل يومي عادي .. واقعةً في فخ الاستهلاكي والذي مهما غُطي بقشور جديدة سرعان ما تحترق جميع أوراقه..