والذي كان مفاجأة من العيار الثقيل،أطلقها لتشكل بدورها،نقطة تحول لديه،لابل في برامج المحطة.
إذ استطاع أن يتجاوز الترفيهي إلى الاجتماعي والإنساني باختياره المواقف التي من شأنها أن تغيّر،مجرى حياة الإنسان،وتقلبها رأسا على عقب،ناهيك عن امتلاكه قدرة كبيرة على محاورة شرائح المجتمع كافة،عاديين ومسؤوليين،وفنانين ،منهم (سعيد صالح،وصابرين،وجمال سليمان،وأخيرا (سلاف فواخرجي)التي كنا نتوقع أن نستمع إليها كامرأة جميلة،تتمتع بجاذبية كبيرة،ونتأملها حتى ولو أتت على توافه الأمور.
لكن المفاجأة كانت أننا استمتعنا،بالاستماع إلى امرأة تمتلك الجمال والثقافة في آن،وهو ما شكل نقطة تحول،لدينا كمتلقين بأن الوجه الحسن،وحده لايكفي،لأن تكون أي جميلة،ممثلة موهوبة..
سلاف كانت تنتقي مفرداتها وترتب كلامها تماما كما حياتها وفنها،مع التمسك بالخطوط الحمر والتحفظات،ورضاها عن نفسها نابع من رضا الآخرين،وبشكل خاص،أهلها وعائلتها،التي تحمل لهم عرفانا كبيرا في نجاحها وتألقها..
نقطة التحول الأولى في حياتها،كانت سلبية،إذ إن مدرسة الموسيقا،سعت إلى إحباطها بدعوى عدم امتلاكها صوتا جميلا،أما الثانية فكان شقيقها أشرف الذي حفزتها غيرتها منه لتكون الأفضل،والثالثة والتي اعتبرها المذيع الأهم،هي مسلسل(أسمهان)فيما عدتها فواخرجي ،صفحة في كتاب لها فيه الكثير من الانجازات والتميز،وما أسمهان إلا واحدة من هذه الانجازات،.
سلاف متفردة،لاتشبه إلا نفسها، ولا تتقمص دورها،إلا أثناء تأديتها له،وهي أيضا لاتشبه صابرين،التي أصر المذيع على إيجاد أوجه للشبه بينهما،لكنها من جديد عادت لتؤكد فرادتها،فهي لم تعتكف،ولم تمر بأزمات،كالتي مرت بها الأخيرة.
ورغم محاولتها الخروج من خانة التشبه أو الشبه،وقعت في شركها دون أن تدري،ربما لأنها اختارت الجانب الأكثر إثارة للمشاهدين،وهو الوجداني ،فكما أن صابرين،رأت أن كوكب الشرق أم كلثوم،أعطتها مصحفا في المنام،ما جعلها تتفاءل بالنجاح،فسلاف أيضا رأت أن بوابة الشام ستكون بداية المجد الذي ستعبر من خلاله إلى بوابة القاهرة القديمة..
البرنامج يقودني إلى سؤال بالشهادات التي قدمها البرنامج والتي تأتي دائما شهادات حسن سلوك وتميز،والسؤال ألا يوجد نقاط سلبية في حياة أي إنسان...
اللافت في الحوار هو سؤال المذيع ماذا بعد النجاح؟فعلى الرغم من تقليديته،فقد جاءت الإجابة لتدل على ذكاء سلاف،وتواضع ذكرنا بالكبار،فسلاف عندما تتهيأ لعمل جديد،تشعر أنها تقف أمام الكاميرا للمرة الأولى،ولعل هذا ما جعلها في وسواس دائم لتقديم الأفضل،وهو ما جبرها، على قبول مسلسل لأسمهان،رغم أن المقابل المادي كان غير مشجع،لكنها أدركت أنها ستكسب مجدا كبيرا من ورائه،فضلا عن امتلاكها عناصر ثلاثة ذكرها المخرج ريمون بطرس،وهي الموهبة والاجتهاد والالتزام،بإيمانها بأن القادم أفضل العبارة التي آثرت النجمة،أن تختم بها لقاءها فهي لاتلتفت إلى الوراء، حسب رأيها(بكرا أحلى)..
وان كنت أتفق معها في هذا فإنني أختلف في تصريحها الاعتزال وهي في أوج عطائها أو (قمة المجد)حسب تعبيرها،فكثيرون تابعوا مسيرتهم الفنية،حتى آخر حياتهم،وشكلوا علامات فارقة في تاريخ الفن،فلا سن يأس للإبداع والشيخوخة لعطاء،فمن نصبت نفسها أميرة،ورأت بأن إمارة الفن تجمعها بأسمهان، تستطيع بكل بساطة أن تصبح ملكة تتربع على عرشه حتى ولو بلغت من العمر عتيا..