حيث يتعرضون لتهديدات من نوع مختلف يلامس حيواتهم بشكل مباشر، بسبب الاستهلاك المتزايد للإلكترونيات، وتوالد النفايات الناتجة عنها باستمرار، وخاصة بعد أن أصبحت هذه الصناعة أكثر نمواً في العالم، وباتت نواتجها تنذر بكوارث لاتحمد عقباها، بعد أن غضت معظم الدول ذات العلاقة الطرف عنها في بادئ الأمر، ومازاد الأمر خطورة ورود تقارير مصدرها الأمم المتحدة عن أن هذه الدول تصدر تلك النفايات لدفنها في دول لاطائل لها، بحجة تقديمها كمساعدات، مدعية أنها تسعى إلى تحسين الوضع المعيشي والاقتصادي لبعض الشرائح الاجتماعية بالدول الفقيرة، وهي في الحقيقة للتخلص منها.
وخطورة النفايات الإلكترونية تتمثل في أنها تحتوي على أكثر من 1000 مادة مختلفة، الكثير منها ذات مكونات سامة تتوالد بشكل متزايد بسبب ارتفاع معدل التقنية المستمر والنزعة العامة لامتلاك كل ماهو مطور وجديد وبعد أن أصبح من النادر جداً إعادة صيانة الأدوات المعطلة وذلك بسبب سهولة الحصول على البديل بسهولة ويسر.
وهذه الأدوات كثيراً مايكون مصيرها صناديق النفايات والمستودعات، للبحث فيما بعد عن طريقة للتخلص منها للعلم بأضرارها، فكيف لو عرفنا أن التقنيات الحديثة تجد طريقها إلى الظهور كل 18 شهراً تقريباً، والثورة المعلوماتية بحاجة للبحث عن كل ماهو متجدد، وهذا بالطبع مايزيد العوامل المسببة للكثير من الأخطار.
فغياب المقاييس القانونية للتفريق بين النفايات السامة والنفايات الأخرى يسمح للأفراد وقطاعات العمل الصغيرة بإلقاء مخلفاتهم الإلكترونية على مكبات النفايات دون معرفة العواقب، حيث ينتج العالم نحو 40 مليون طن نفايات من المعدات الإلكترونية المعروفة.
وعليه فالتلوث البيئي الناتج عن النفايات الإلكترونية ينتمي إلى صنف الخطر المخفي حسب الخبراء والمختصين، لأن مخلفات مصانع المواد الصلبة أو السائلة أو الغازية المنبعثة تتضح رؤيتها أو رائحتها، وبالتالي يمكن إيجاد حلول لها، مقارنة بما هو أشد خطورة، وأكبر مثال على ذلك الأجهزة الحاسوبية لكونها تشترك في صفتين هما اللوحة الإلكترونية، وأنبوب الأشعة الكاثودية وهذا الأخير يحتوي على نسب من الرصاص بمستويات تؤدي إلى زيادة الخواص السمية التي تنتج نفايات خطرة، لتأتي مخلفات التلفزيون الكامنة باحتواء الرصاص والزئبق والزرنيخ والبريليوم، وهي مخلفات قد تتسرب إلى الإنسان والتربة والنباتات، على حد سواء في حالة تخزينها بطرق غير علمية.
كما أن خطر النفايات الإلكترونية لايتهدد الإنسان فحسب، بل يتعداه إلى البيئة بكل مكوناتها من حيوان ونبات وطيور وهواء سواء بطريقة مباشرة أم غير مباشرة على المدى القصير أو المدى الطويل، ويتسبب بأمراض السرطان والفشل الكلوي والربو وتدمير الكبد والكلى والعظم.
وذكر تقرير للأمم المتحدة أن الدول النامية تواجه مخاطر بيئية وصحية متزايدة من النفايات الإلكترونية، إذا لم تجمع المواد السامة وتعاد معالجتها بشكل جيد .
ولو أخذنا مثالاً النفايات الإلكترونية في الولايات المتحدة كل عام بقصد إعادة تصنيعها والتي تقدر بملايين الأطنان يتم تصدير قسم كبير منها لتتم معالجته بالخارج، ومن أهم أسباب هذا التصدير رخص الأيدي العاملة وغياب الرقابة البيئية في الدول التي تصدر إليها من جهة، ولأن هذا النوع من التصدير لايزال قانونياً فيها وتعتبر شعوبه من أكثر الشعوب امتلاكاً للحواسيب في العالم حيث بلغت التقديرات عام 1998- 20 مليون جهاز كمبيوتر، والحجم الكلي للمخلفات اقترب من 7 ملايين طن، لذا علينا أن نتخيل حجم النفايات الصادرة عن 500 مليون جهاز حاسب وهو العدد المخزن في المستودعات وينتظر طريقه إلى مكبات النفايات، ليتضح بالنتيجة هذا القدر من التلوث المتنامي والذي لن يتجاوز أي دولة أو مكان على الأرض.
ومن هذا المنطلق فإن معالجة تلك النفايات لم تصبح فقط مهمة، بل أصبحت ملحة تماماً من خلال الاهتمام بنوعية الأجهزة التي تدخل أسواق تلك الدول ومدى جودتها وعمرها الافتراضي، مضافاً إلى ذلك التدقيق في المواد الداخلة ضمن تصنيعها، ومطالبة شركات التصنيع بإعادة تلك النفايات إليها لكونها الأقدر على إعادة تدويرها، حفاظاً على سلامة الإنسان وبيئته والعمل على تشجيع استيراد منتجات صديقة للبيئة ووضع خطط استراتيجية لمواجهة التلوث، إضافة إلى تنظيم عمال الصيانة في هذا المجال، ووضعهم في صورة الآثار السلبية لهذه النفايات.