|
القرار العربي.. السقوط في المجهول! شؤون سياسية ومن دون شروط- وعلى أساس أن المفاوضات المذكورة ستكون بصورة غير مباشرة- وبرعاية أميركية (كأن أميركا ليست راعية لكل مايحدث منذ 1990 في الحد الأدنى)، أقول قرار الإجازة أثار الكثير من الحزن والأسى في النفس الفلسطينية والعربية، إن القرار- بصرف النظر عن محاولات تجميله أو تبريره أو عقلنته- منحة عربية مجانية أو (جائزة) لنتنياهو وحكومته وبرأس قائمتها العنصري ليبرمان- وهي جائزة تقول لهم: افعلوا ماتريدون- خلال الأشهر الأربعة- وربما بعدها، إذ يبدو أن السقوف العربية الرسمية لمنح المحتلين المزيد من التنازلات عالية- في منظور (الخيال) وهي في الحقيقة ماعادت قائمة بعد (المبادرة العربية) كونها أوطأ السقوف وآخر التنازلات، وبعدها (السقوط في المجهول- أو الحفرة) التي تسمى في واقع الأمر (التنازل عن كل الثوابت). أرادت السلطة الفلسطينية الذهاب إلى الطاولة- بأي طريقة وبكل طريقة- ومنعا للإحراج كانت الفكرة الجهنمية المذهلة: اذهبوا لكن بغطاء رسمي عربي. لا نتفق- كمعنيين بالقضية وبحقوق شعبنا في القدس والعودة والتحرير وتقرير المصير على كامل الثرى الفلسطيني المحتل مع أي دعوة باسمنا تتنازل عن هذه الحقوق- أكانت من رام الله- أم من أي مكان في الدنيا، هذه حقوق شعب، غير قابلة للتصرف. وإذا نحينا العواطف جانبا وحاولنا مناقشة القرار من باب (الموضوعية) فبأي نسبة نجاح يتوقع المعنيون العرب أن تلقى الحقوق العربية نصيبها من الإقرار والاعتراف خلال أربعة أشهر، وهي حقوق تنكر لها المحتلون وبدعم من الغرب وأميركا منذ ستين عاماً وأكثر- أو في الحد الأدنى منذ ثلاثة وأربعين عاماً- هي الفاصلة الزمنية بين اليوم وحزيران عام 1967؟. ثم في أي ظرف جاء هذا القرار؟ في ظرف العمل اليومي لتهويد القدس، ولتدمير البنية العربية في الضفة الغربية- من سلوان- ومشروع البستان الصهيوني- إلى جنين والغور والمجمع الأكبر للمستوطنين في القدس الذي يضم نحو مئتي ألف يهودي مستوطن. ليس هذا وحسب هو المناخ- بل هناك أيضاً قرارات نتنياهو بإعلان أماكننا الدينية المقدسة (أجزاء من التراث اليهودي) -الأمر لايتعلق فقط بالحرم الإبراهيمي الشريف ومسجد بلال بن رباح- بل بنحو (150) موقعاً عربياً إسلامياً في عموم فلسطين- إلى جانب العمل على تهديم الأقصى بالحفر والهز والقص والقطع- لإقامة الهيكل المزعوم في مكانه، وهذا ما أعلن النية عنه نتنياهو نفسه. كنا نتوقع أن تخرج القمة العربية القادمة- في طرابلس بقرارات تهز الإيديولوجية العنصرية الاحتلالية الإحلالية الصهيونية- وترغم الأعداء على إعادة النظر في حساباتهم لجانب منحنا حقوقنا المنصوص عليها وجوباً في قرارات الأمم المتحدة وشرعة حقوق الإنسان، ومنها قرارات مجلس الأمن ومرجعياته الأممية. لكن القرار العربي (الصادر) يوم 3 آذار الجاري في اجتماع القاهرة- سكب الماء البارد على ظهورنا كلنا- من المحيط إلى الخليج، فإن كان مايصدر عن وزراء الخارجية هو هذه التخريجة المهلهلة أصلاً للذهاب بالقضية وبالحقوق إلى عبثية التفاوض مرة أخرى حتى وإن قيل إنها أربعة أشهر فقط- فإننا لانتوقع خيرا لنا جميعاً- على الأقل مايجعل الوحدة الفلسطينية أمراً ممكناً- وليس شد اليد التي تتعاون مع المحتلين لقهر إرادة شعبنا ولضرب المقاومة في الصميم- واعتبار السلاح الفلسطيني في الضفة (أمراً ممنوعاً لأن اقتناءه جريمة يعاقب عليها بالسجن والمصادرة) بموجب اتفاقية وخطط (الجنرال دايتون). كما نتوقع أن يكون الموقف العربي رافعة للموقف الفلسطيني ودافعاً نحو الوحدة الوطنية الفلسطينية، لكن ماحدث هو العكس تماماً: لقد كان القرار فرصة مضافة لينجز المحتلون الكثير من مخططهم المرسوم و(لتتشابك) عقدة الواقع الفلسطيني المرير وتنتقل من سيئ إلى أسوأ. ستمر الأشهر الأربعة لتعقبها الخيبة المريرة- وتضيع فرصة من بين يدي العرب- ويقال (في أوساط بعضنا الفلسطيني بعينها) إنها حصلت على إجازة عربية.. مع الأسف.. وقد يجري تناسي الموقف الذي عبر عن ضمير الأمة الجمعي.. موقف سورية.. nswafabu lhaija@yahoo.com
|