تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


العاطفة والنقد الخبرة في قراءة العمل الفني

ملحق ثقافي
7-8-2016
حول العاطفة والنقد يتساءل علي الوردي: «هل في إمكان الناقد أن يتحرر من العاطفة تحرراً تاماً». ويجيب بأن الناقد غير قادر على ذلك، ولكن في إمكانه أن يروض نفسه على التحرر النسبي منها.

‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

العاطفة هي رؤية طفولية للأشياء، حيث تسيطر على بعض الناس الذين يلونون الدنيا بلون ما في أنفسهم من ميول ذاتية. وإذا لم يستطع هؤلاء الناس على التحرر الفكري مع تقدم العمر، فإنهم سيبقون في مستوى ضحل من النقد. أما أولئك الموضوعيون فهم يفرقون في نظرتهم إلى الأمور بين الجانب الذاتي والجانب الموضوعي، ويقولون عن شيء إنه جميل رغم أنهم لا يحبذونه. وهذه النظرة الموضوعية، هي التي تنقذ النقد من انحيازه الأعمى إلى الأشياء القريبة منا أو البعيدة عنا، أو تلك التي نفضلها شخصياً، والتي نمقتها.‏

تتطور حالة النقد عند البعض إلى درجة أنهم يشككون في آرائهم وفيما يذهبون إليه. وكما يقول علي الوردي: «من صفات الباحث الموضوعي أنه مشكك فيما يذهب إليه من رأي. فهو يدري أن عقله معرض للعوامل النفسية والاجتماعية التي تحجب عن رؤية الحقيقة أحياناً. وهو قد يأتي بالرأي اليوم ثم يبدو له سقم رأيه غداً، وهو مضطر إلى الرجوع عنه وإلى الاعتراف بخطئه فيه».‏

التشكيك في الرأي الذاتي مضاد للتجميد ومتوافق م التقدم، والحرية النقدية، وهذا من صفات النقد العلمي.‏

لا يبدو في الأفق الآن أي نقد موضوعي، فكل كلمات النقد، هي إما مدائح رنانة وإما قدح. لا مكان للرؤية الموضوعية، حتى في الفن التشكيلي نفسه. فمعظم ما يطفو على السطح ويطلقون عليه فناً، لا يرقى إلى ذلك، رغم أن «النقاد» يروجون له ويرهقون أقلامهم في إسباغ ألقاب كبيرة على الفنانين، لا يستحقون نتفة منها.‏

يتحدث زكي نجيب محمود عن الفرق بين الإنسان العادي والفيلسوف من ناحية تقييم الأشياء، ويقول إن الشخص العادي يستخدم كلمة «جميل» ولا يقف عندها طويلاً لأنها مفهومة لديه بحكم ما نسميه الحدس المشترك أو الفهم المشترك بين الناس. أما الفيلسوف «فيلاحظ أن هذه الكلمة تطلق على أشياء كثيرة ليس بينها جانب مشترك. فالصورة والفتاة والنهر والشفق وما شابه من أمثلة، وكذلك الفكرة، توصف جميعاً بهذه الصفة، فكيف اشتركت جميعاً في صفة واحدة وهي ذاتها ليست متشابهة؟ لا بد أن يكون هناك شبه خفي أدركه العقل، أو أدركه الحدس، أو الوجدان، أو أي جانب من جوانب الإدراك لدى الإنسان».‏

‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

وحول الناقد الفيلسوف يطرح زكي نجيب محمود فكرة أن الناقد حين يتجه إلى العمل المفرد أو المفردات بصفة عامة، لا يقدم على ذلك من فراغ، ولكنه يسأل نفسه: عن أي شيء أبحث في هذه اللوحة أو في هذه القصيدة أو في هذه الرواية، بحيث إذا وجدته، قلت إنها لوحة أو قصيدة أو رواية جيدة، وإذا لم أجد حكمت عليها بالرداءة.‏

أما جون ديوي فإنه يتحدث حول الخبرة، أي أن الإنسان لا بد أن يخبر الشيء الذي يتحدث عنه، والخبرة تتحقق في سلسلة ممتدة من الحلقات المتماسكة، لها بداية ولها تسلسل ونهاية. والخبرة المكتملة لا يمكن أن يضاف إليها أي شيء.‏

وفي المجمل، فإن ما يراه الفيلسوف غير ما يراه المطلع، وغير ما يراه الشخص العادي. وكلها تتبع إلى الخيرة الشخصية وإلى القدرة على ربط العناصر في العمل الفني.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية